الإشارة : بقدر ما يربو الإيمان في القلب يعظم الإيمان بالبعث وما بعده، حتى يكون نُصب عين المؤمن، لا يغيب عنه ساعة، فإذا دخل مقام العيان، استغرق في شهود الذات، فغاب عن الدارين، ولم يبقَ له إلا وجود واحد، يتلون بهيئة الدنيا والآخرة. وفي الحقيقة ما ثَمَّ إلا واحد أحد، الأكوان ثابتة بإثباته، ممحوة بأحدية ذاته. كان الله ولا شيء معه، وهو الآن كما كان، ويكون في المآل كما هو الآن. والله تعالى أعلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٢
قلت :﴿ويرى﴾ : مرفوع، استئناف، أو منصوب، عطف على ﴿ليجزي﴾. و ﴿الحق﴾ : مفعول ثان ليرى العلمية. والمفعول الأول :﴿الذي أُنزل﴾ وهو ضمير فصل.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ويَرَى الذين أُوتوا العلم﴾ من الصحابة، وممن شايعهم من علماء الأمة ومن ضاهاهم، أو علماء أهل الكتاب الذين أسلموا، كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، أي : يعلمون ﴿الذي أُنزل إِليك من ربك﴾ يعني القرآن ﴿هو الحق﴾ لا يرتابون في حقيّته ؛ لِما نطوى عليه من الإعجاز، وبموافقته للكتب السالفة، على يد مَن تحققت أميته. أو : ليجزي المؤمنين، وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق، علماً لا يزاد عليه في الإيقان، لكونه محل العيان، كما علموه في الدنيا من طريق البرهان. ﴿ويهدي إِلى صراط العزيز الحميد﴾ وهو دينُ الله، من التوحيد، وما يتبعه من الاستقامة.
٦٣