جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧٦
كُلُّ أمةٍ تُدْعَى إِلى كتابها} صحيفة أعمالها، والمراد الجنس، أي : صحائف أعمالها، ﴿اليوم تُجْزَون ما كنتم تعملون﴾ في الدنيا، ثم يُقال لهم :﴿هذا كِتَابُنا﴾ أضيف الكتاب إليهم أولاً ؛ لملابسته إياهم، لأن أعمالهم مثبتة فيه، وإلى الله ثانياً ؛ لأنه مالكه، والآمِرُ للملائكة بكَتْبِه، وأضيف لنون العظمة تفخيماً لشأنه، وتهويلاً لأمره، ﴿ينطق عليكم بالحق﴾ يشهد عليكم ملتبساً بالحق، من غير زيادة ولا نقصان، ﴿إِنا كنا نَسْتنسخ﴾ أي : نستكتب ونطلب نسخ ﴿ما كنتم تعملون﴾ في الدنيا، من الأعمال، حسنة أو سيئة، وقال ابن عزيز : نستنسخ : نثبت، ويقال : نستنسخ : نأخذ نسخته، وذلك أن الملكين يرفعان عمل الإنسان، صغيره وكبيره، فيثبت الله منه ما كان له ثواب أو عقاب، ويطرح منه اللغو، وروي عن ابن عباس وغيره حديثاً :" أن الله يأمر بعرض أعمال العباد كل يوم خميس، فينقل من الصحف التي ترفع الحفظة، كل ما هو مُعَدّ أن يكون له ثواب وعقاب، ويلقى الباقي "، فهذا هو النسخ من أصل.
وقيل : المراد بكتابنا : اللوح المحفوظ. قال ﷺ :" أول ما خلق الله القلم من نور مسيرة خمسمائة عام، واللوح من نور مسيرة خمسمائة عام، فقال للقلم : اجر : فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل، برها وفاجرها، ورطبها ويابسها " ثم قرأ :﴿هذا كتابنا ينطق..﴾ الآية، فيُروى " أن الملائكة تصعد كل يوم إلى الملك الموكل باللوح، فيقولون : أعطنا ما يعمل صاحبنا اليوم، فينسخُ من اللوح عمله ذلك اليوم، ويعطيه إياهم، فإذا انقضى أجله، قال لهم : لا نجد لصاحبكم عملاً بقي له، فيعلمون أنه انقضى أجله ".
ثم فصّل أحوال أهل الموقف، فقال :{فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيُدخلهم
٧٧


الصفحة التالية
Icon