الإشارة : يقال لأهل الغفلة : أرأيتم ما تركنون إليه من الخلق، هل لهم قوة على نفعكم أو ضركم ؟ ﴿أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شِرك في السماوات...﴾ الآية. فلا أحد أضل ممن يرجو الضعيف مثله، الذي لا يستجيب له إلى يوم القيامة، وهو غافل عن إجابته في الحال والمآل، وإذا أحبّه على هوى الدنيا صارت يوم القيامة عداوة ومقتاً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وإِذا تتلى عليهم آياتُنا بيناتٍ﴾ واضحات، أو : مبنيات، جمع بيِّنة، وهي الحجة والشاهد، ﴿قال الذين كفروا للحق﴾ أي : لأجله وفي شأنه، والمراد بالحق : الآيات المتلوة، وبالذين كفروا : المتلُوّ عليهم، فوضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل عليهم بالكفر والمتلُو بالحق، والأصل : قالوا في شأن الآيات، التي هي حق ﴿لمَّا جاءهم﴾ أي : بادهوا الحق بالجحود ساعة أتاهم، وأول ما سمعوه، من غير إجالة فكر ولا إعادة نظر :﴿هذا سحر مبين﴾ ظاهر كونه سحر.
﴿أم يقولون افتراه﴾ إضراب وانتقال من حكاية شناعتهم السابقة - وهي تسميتهم الآيات سحراً، إلى حكاية ما أشنع منها، وهو كون الرسول ﷺ ﴿افتراه﴾ أي : اختلقه، وأضافه إلى الله كذباً، والضمير للحق، والمراد به الآيات. ﴿قل إِن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً﴾ أي : إن افتريته على سبيل الفرض لعاجلني الله بعقوبة الافتراء، فلا تقدرون على كفه من معاجلتي، ولا تملكون لي شيئاً مِن دفعه، فكيف أفتريه وأتعرّض لعقابه الذي لا مناص منه ؟ ! ﴿هو أعلم بما تُفيضون فيه﴾ من القدح في وحي الله تعالى والطعن في آياته، وتسميته سحراً تارة وفرية أخرى. ﴿كفى به شهيداً بيني وبينكم﴾ حيث يشهد لي بالصدق والبلاغ، وعليكم بالكذب والجحود، وهو وعيد بجزاء إفاضتهم، ﴿وهو
٨٣
الغفورُ الرحيم﴾
لمَن تاب وآمن، وهو وعد لمَن آمن بالمغفرة والرحمة، وترغيب في الإسلام.


الصفحة التالية
Icon