﴿فآمَنَ﴾ ذلك الشاهد لَمّا تحقق برسالته. رُوي أنه لما قَدِمَ رسولُ الله ﷺ نظر إلى وجهه، فعلم أنه ليس بوجه كذاب، وقال له : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبيّ : ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ وما بالُ الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمة ؟ فقال رسول الله ﷺ :" أما أول أشراط الساعة ؛ فنارٌ تحشُرُ الناسَ من المشرق إلى المغرب، وأول طعام يأكله أهل الجنة ؛ فزيادة كبد الحوت، وأما الولد ؛ فإذا سبقَ ماءُ الرجل نزعه، وإن سبق ماءُ المرأة نزعته " فقال : أشهد أنك رسول الله حقاًُ، فأسلم.
﴿واستكبرتم﴾ عن الإيمان به، وجواب الشرط محذوف، والمعنى : أخبروني إن كان من عند الله، وشهد بذلك أعلم بني إسرائيل، فآمن به من غير تلعثم، واستكبرتم عن الإيمان به بعد هذه البينة، فمَن أضل منكم ؟ بدليل قوله تعالى :﴿أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ...﴾ [فصلت : ٥٢] الآية أو : إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين ؟ ويدل عليه قوله :﴿إِن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾، والتقديران صحيحان، لأن عدم الهداية مستلزم الضلال، ووصفهم بالظلم للإشعار بعلة الحكم، فإن
٨٥
تركه - تعالى - لهدايتهم إنما هو لظلمهم. وقال الواحدي : معنى :﴿إِنّ الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ : إن الله جعل جزاء المعاندين للإيمان بعد الوضوح والبيان أن يمدهم في ضلالتهم، ويحرمهم الهداية. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٤


الصفحة التالية
Icon