وقال الورتجبي : لا أدري أين استغرق في بحار وصال جماله الأبدي، وهناك لججات تغيب في ذرة منها جميعُ الأرواح العاشقة، والأسرار الوالهة، والقلوب الحائرة. هـ. والحاصل : أنه لا يدري نهاية مناله من الله، لنفي الغاية في حقه تعالى والنهاية، وهو صريح استبعاد الششتري دعوى الوصال، والله أعلم. هـ. من الحاشية.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٤
يقوله الحق جلّ جلاله :﴿وقال الذين كفروا للذين آمنوا﴾ أي : لأجلهم، وهو كلام كفار مكة، قالوا : إنَّ عامة مَن يتبع محمد السُّقاط، يعنون الفقراء، كعمار وصهيب وبلال وابن مسعود رضي الله عنهم، قالوا :﴿لو كان﴾ ما جاء به محمد من القرآن والدين ﴿خيراً ما سبقونا إِليه﴾ فإن معالي الأمور لا تنالها أيدي الأرذال، فإنَّ عامتهم فقراء وموالٍ ورُعاة، قالوه زعماً منهم أن الرئاسة الدينية مما تُنال بأسباب دنيوية، كما قالوا :﴿لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف : ٣١]، وضلّ عنهم أنها منوطة بكمالات نفسانية، وملكات روحانية، مبناها : الإعارض عن زخارف الدنيا، والإقبال على الله بالكلية، وأنّ مَن فاز بها حازها بحذافيرها، ومَن حرمها فما له عند الله من خلاق. والحاصل : أن هذه المقالة سببها الرضا عن النفس، وهو صل كل معصية وغفلة. ثم قال تعالى :﴿وإِذ لم يهتدوا به﴾ العامل في الظرف محذوف ؛ لدلالة الكلام عليه، أي : وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم، وقالوا ما قالوا :﴿فسيقولون﴾ غير مكتفين بنفي خيريته :﴿هذا إِفك قديم﴾ أي : كذب متقادم، كقوله :﴿أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ [الأنعام : ٢٥].