وقال القشيري : إنه تكذيب للرسل فيما بُيّن لهم، فما أُنزل عليهم من بعثة محمد رسولاً، يعني : فيكون كقوله تعالى :﴿إِنَّا بِكُلِّ كَافِرُونَ﴾ [القصص : ٤٨، الزخرف : ٣٠]، وقيل لابن عباس : أين نجد في القرآن " مَن كره شيئاً عاداه "، فقرأ هذه الآية :﴿وإذ لم يهتدوا..﴾ الخ.
﴿ومِن قبله﴾ أي : مِن قبل القرآن ﴿كتابُ موسى﴾ أي : التوراة، فكتاب : مبتدأ، و " من قبله " : خبر، والاستقرار هو العامل في قوله :﴿إِماماً ورحمةً﴾ على أنهما حالان من الكتاب، أي : قدوة يُؤْتمُ به في دين الله وشرائعه، ورحمة من الله تعالى لمَن آمن به. ﴿وهذا﴾ القرآن، الذي يقولون في حقه ما يقولون، هو ﴿كتاب﴾ عظيم الشأن ﴿مُصدِّق﴾ لكتاب موسى، الذي هو أماماً ورحمة، أو : لِما بين يديه من جميع الكتب الإلهية. قال ابن عرفة : وجه مناسبتها لما قبلها : أنه لما تضمن قوله :﴿فسيقولون هذا إفك قديم﴾ تقبيحهم إياه بأنه إما كذب في نفسه، أو شبيه بما قبله من الأكاذيب والافتراءات، عقبه ببيان أنه إما صدق في نفسه، أو شبيه بما قبله من الكتب الصادقة. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٦
حال كون الكتاب ﴿لساناً عربياً ليُنذر الذين ظلموا﴾ متعلق بمُصَدِّق، أو بأنزل، محذوفاً، وفيه ضمير الكتاب، أو : الله تعالى، أو : الرسول ﷺ، ويؤيده : قراءة الخطاب، ﴿وبُشرى للمحسنين﴾ في حيز النصب، عطف على محل " ليُنذر " ؛ لأنه مفعول له، أي : للإنذار والبشرى، أو : وهو بشرى للمحسنين، للمؤمنين المطيعين.
الإشارة : قال في الحِكَم :" أصل كل معصية وغفلة وشهوة : الرضا عن النفس،
٨٧
وأصل كل طاعة ويقظة وعفة : عدم الرضا منك عنها، ولأن تصحب جاهلاً لا يرضى عن نفسه، خير من أن تصحب عالماً يرضى عن نفسه، فأيّ علِم لعالم يرضى عن نفسه ؟ وأيّ جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه ؟ "، وعلامة الرضا عن النفس : تغطية مساوئها، وإظهار محاسنها، كما قال الشاعر :