﴿حتى إِذا بلغ أشُدَّه﴾ أي : اكتهل، واستحكم عقله وقوته، وانتهت قامته وشبابه، وهي ما بين ثماني عشرة سنة إلى أربعين، وقال زيد بن أسلم : الحلم، وقال قتادة : ستة وثلاثون سنة، وهو الراجح، وقال الحسن : قيام الحجة عليه. ﴿وبلغ أربعين سنة﴾ وهو نهاية الأشدّ، وتمام العقل، وكمال الاستواء.
قيل : لم يُبعث نبيّ إلا بعد الأربعين، قال ابن عطية : وإنما ذكر تعالى الأربعين، لأنها حدّ الإنسان في فلاحه ونجاته، وفي الحديث " إن الشيطان يمدّ يده على وجه مَن زاد
٨٩
على الأربعين ولم يتب، فيقول : بأبي وَجْهٌ لايُفلح " هـ. ومن حديث أنس قال ﷺ :" مَن بلغ أربعين سنة أمّنه الله من البلايا لثالث : الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ الخمسين خفّف الله عنه الحساب، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة كما يُحب، فإذا بلغسبعين سنة غفر الله ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وشفع في أهل بيته، وناداه منادٍ من السماء : هذا أسير الله في أرضه " وهذا في العبد المقبل على الله. والله تعالى أعلم. وقُرئ :" حتى إذا استوى وبلغ أشُدَّه ".
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٩