قال القشيري : وشر خصال الولد : التبرُّم بطول حياتهما، والتأذي بما يجب من حقهما، وعن قريب يموت الأصل، وقد يبقى النسل، ولا بد ان يتبعَ الأصل. هـ. أي : فيعق إن عقّ أصله، ويبر إن بر، وفي الحديث :" برُّوا آباءَكُمء تبركمْ أبناؤكم " ثم قال : ولقد قالوا في هذا المعنى وأنشدوا :
رُوَيْدَكَ إنَّ الدَّهْرَ فيه كفاية
لِتَفْرِيق ذات البَيْنِ فارتقِبِ الدَّهرا
هـ.
قلت : وقد تقدم أن حُرمة الشيخ أوكد من حرمة الوالدين، فيُقدم أمره على أمرهما، كما تقدّم عن الجنيد في سورة النساء. والله تعالى أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٩
قلت :﴿والذي قال﴾ مبتدأ، وخبره :﴿أولئك الذين حقَّ عليهم القول﴾، والمراد بـ " الذي قال " الجنس، ولذلك جمع الخبر.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿والذي قال لوالديه﴾ عند دعوتهما إلى الإيمان :﴿أُفًّ لكما﴾ وهو صوت يصدر عن المرء عند تضجُّره، وقَنَطِه، واللام لبيان المؤفّف، كما في " هيتَ لك " وفيه أربعون لغة، مبسوطة في محلها، أي : هذا التأفيف لكما خاصة، أو لأجلكما دون غيركما.
وعن الحسن : نزلت في الكافر العاقّ لوالديه، المكذِّب بالبعث، وقيل : نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه، قبل إسلامه. وأنكرت عائشة رضي الله عنها ذلك، وقالت : والله ما نزل في آل أبي بكر شيئاً من القرآن، سوى براءتي، ويُبطل ذلك قطعاً : قوله تعالى :﴿أولئك الذين حق عليهم القول﴾ لأنَّ عبد الرحمن بن أبي بكر أسلم، وكان من فضلاء الصحابة، وحضر فتوحَ الشام، وكان له هناك غناء عظيم، وكان يسرد الصيامَ. قال السدي : ما رأيت أعبد منه. هـ. وقال ابن عباس : نزلت في ابنٍ لأبي بكر، ولم يسمه، ويرده ما تقدّم عن عائشة، ويدل على العموم : قوله تعالى :﴿أولئك الذين حقّ عليهم القول﴾، ولو أراد واحداً لقال : حق عليه القول.


الصفحة التالية
Icon