يقول الحق جلّ جلاله :﴿و﴾ اذكر ﴿يومَ يُعْرَضُ الذين كفروا على النار﴾ أي : يُعذّبون بها، من قولهم : عُرض بنو فلان على السيف، إذا قُتلوا به، وقيل المراد : عرض النار عليهم، من قولهم : عرضت الناقة على الحوض، يريدون : عرض الحوض عليها، فقلبوا. وإذا عُرضوا عليها يُقال لهم :﴿أَذْهبتُمْ طيباتِكُم﴾ أي : أخذتم ما كُتب لكم من حظوظ الدنيا ولذائذها ﴿في حياتكم الدنيا﴾ فقد قدمتم حظكم من النعيم في الدر الفانية
قال ابن عرفة : قيل : المراد بالطيبات المستلذات، والظاهر : أن المراد أسباب المستلذات، أي : الأسباب التي تتوصلون بها إلى نيل المستلذات في الدار الآخرة، إذ نسيتموها في الدنيا، أي : تركتموها ولم تفعلوها. هـ. قلت : يُبعده قوله :﴿واستمتعتم بها﴾ أي : فلم يُبق ذلك لكم شيئاً منها، بل قدمتم جنتكم في دنياكم.
وعن عمر رضي الله عنه : لو شئتُ كنتُ أطيبَكم طعاماً، وألينكم لباساً، ولكني أستبقي طيباتي. ولما قَدِم الشامَ صُنعَ له طعامٌ لم يُر قبله مثله، قال : هذا لنا، فما للفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون خبز الشعير ؟ قال خالد، لهم الجنة، فاغروْرقتْ عينا عمر وبكى، وقال : لئن كان حظنا من الحطام، وذهبوا بالجنة، لقد باينونا بوناً بعيداً، وقال أبو هريرة رضي الله عنه : إنما كان طعامنا مع النبي ﷺ الماء والتمر، والله ما كان نرى سمراءَكم هذه، وقال أبو موسى : ما كان لباسنا مع النبي ﷺ إلا الصوف.


الصفحة التالية
Icon