قال في الإحياء، بعد كلام : وأكل الشهوات لا يُسلَّم إلا لمَن نظر من مشكاة الولاية والنبوة، فيكون بينه وبين الله علامة في استرساله وانقباضه، ولا يكون ذلك إلا بعد خروج النفس من طاعة الهوى والعادة بالكلية، حتى يكون أكلُه إذا أكل بنية، كما يكون إمساكه بنية، فيكون عاملاً له في إفطاره وإمساكه. ثم قال : وينبغي أن يتعلّم الحزم من عُمر، فإنه كان يرى النبيّ ﷺ يُحب العسل ويأكله، ثم لم يقس نفسه عليه، بل لمّا عُرض عليه ماء مبرّد بالعسل جعل يُدير الإناء في كفه، ويقول : أَشربُها فتذهب حلاوتها وتبقى تباعتُها، اعزلوا عني حسابها، وتركها رضي الله عنه.
٩٥
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٩٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿واذكر أخا عاد﴾ وهو هود عليه السلام ﴿إِذا أنذر قومه﴾ بدل اشتمال أي : وقت إنذاره قومه ﴿بالأحقاف﴾ جمع حِقْف، وهو رمل مستطيل فيه انحناء، من : احقوقف الشيء إذا اعوجَّ، وكان عاد أصحاب عُمُد، يسكنون بين رمال مُشرفة على البحر، بأرض يُقال لها :" الشِّحْر " بأرض اليمن. وعن ابن عباس : الأحقاف : واد بين عُمان ومَهْرَة، وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن، في حضرموت، بموضع يقال له : مَهْرة، وإليه تنسب الإبل المهرية، ويقال لها : المهاري، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم، وكانوا من قبيلة إِرَم، والمشهور : أن الأحقاف اسم جبل ذا رمل مستطيل، كانت منازل عاد حوله.