ولقد أهلكنا ما حولَكم من القرى} يا أهل مكة، كحِجر ثمود، وقرى لوط، والمراد : أهل القرى، ولذلك قال :﴿وصرَّفنا الآياتِ﴾ كرّرناه، ﴿ولعلهم يرجعون﴾ أي : كرّرنا عليهم الحجج وأنواع العِبر لعلهم يرجعون من الطغيان إلى الإيمان، فلم يرجعوا فأنزلنا عليه العذاب. ﴿فلولا نَصَرَهم الذين اتخذوا من دون الله قُرباناً آلهةً﴾ أي : فهلاّ منعهم وخلصهم من العذاب الأصنام الذين اتخذوهم آلهة من دون الله، حال كونها متقرباً بها إلى الله، حيث كانوا يقولون :﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر : ٣] و ﴿هَؤُلآءِ شُفَعَآؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾ [يونس : ١٨] ﴿بل ضلوا عنهم﴾ أي : غابوا عن نصرتهم، ﴿وذلك إِفكهم وما كانوا يفترون﴾ الإشارة إلى امتناع نصرة آلهتهم وضلالهم، أي : وذلك أثر إفكهم الذي هو اتخاذها آلهة، وثمرة شركهم، وفترائهم على الله الكذب.
وقرأ ابن عباس وابن الزبير :﴿أَفَكَهم﴾ أي : صرفهم عن التوحيد. وقُرئ : بتشديد الفاء، للتكثير.
الإشارة : التمكُّن من كثرة الحس لا يزيد إلا ضعفاً في المعنى، وبُعداً من الحق، ولذلك يقول الصوفية : كل من زاد في الحس نقص في المعنى، وكل ما نقص في الحس زاد في المعنى، والمراد بالمعنى : كشف أسرار الذات وأنوار الصفات، وما مكّن اللّهُ تعالى عبدَه من الحواس الخمس إلا ليستعملها فيما يقربه إليه، ويوصله إلى معرفته، فإذا صرفها في غير ذلك، عُوقب عليها. وبالله التوفيق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٩٨
قلت :" النفر " بالفتح : الجماعة من ثلاثة إلى عشرة، وقيل : إلى سبعة ولا يُقال نفر فيما زاد على عشرة، والرهط والقوم والعشيرة والعشر معناهم الجمع، ولا واحد لهم من لفظه، وهو للرجال دون النساء. قاله في المصباح. و ﴿من الجن﴾ نعت للنفر، وكذا ﴿يستمعون﴾.
٩٩


الصفحة التالية
Icon