﴿يا قومنا أجيبوا دَاعِيَ الله﴾ وهو محمد ﷺ، ﴿وآمِنوا به﴾ أي : بالرسول أو القرآن، وصفوه بالدعوة إلى الله تعالى بعدما وصفوه بالهداية إلى الحق والطريق المستقيم ؛ لتلازمهما، دعوهم إلى ذلك بعد بيان حقيقته واستقامته، ترغيباً في الإجابة، ثم أكدوه بقولهم :﴿يغفر لكم من ذنوبكم﴾ أي : بعض ذنوبكم، وهو ما كان في حق خالصٍ لله تعالى، فإنّ حقوق العباد لا تُغفر بالإيمان، وقيل : تغفر. ﴿ويُجركمْ من عذابٍ أليم﴾ موجع.
واختلف في مؤمني الجن، هل يُثابون على الطاعون، ويدخلون الجنة، أو يُجارون من النار فقط ؟ قال الفخر : والصحيح أنهم في حكم بني آدم، يستحقون الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية، وهو قول مالك، وابن أبي ليلى، وقال الضحاك : يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون. هـ. ويؤده قوله تعالى :﴿وَلِكُلِّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ كما تقدّم في الأنعام.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٩٩
ومَن لا يُجِبْ داعيَ الله فليس بمعجزٍ في الأرض﴾ أي : لا ينجي منه مهرب، وإظهار " داعي الله " من غير اكتفاء بضميره، للمبالغة في الإيجاب، بزيادة المهابة والتقرير وتربيته، وإدخال الروعة. وتقييد الإعجاز بكونه في الأرض ؛ لتوسيع الدائرة، أي : فليس بمعجز له تعالى وإن هرب في أقطار الأرض ودخل في أعمالقها. ﴿وليس له من دونه أولياءُ﴾ ينصرونه من عذاب الله، وهو بيان لاستحالة نجاته بواسطة، إثر بيان استحالة نجاته بنفسه، وجمع " الأولياء " مبالغة، إذا كان لا ينفعه أولياء، فأولى واحد. ﴿أولئك﴾ الموصوفون بعدم إجابة داعي الله ﴿في ضلال مبين﴾ أي : ظاهر : بحيث لا تخفى ضلالته على أحد، حيث أعرضوا عن إجابة مَن هذا شأنه، وجمع الإشارة باعتبار معنى " من "، وأفرادَ أولاً باعتبار لفظها.