الإشارة : قد استعملت الجن الأدب بين يديه ﷺ حيث قالوا : أنصتوا، فالجلوس مع الأكابر يحتاج إلى أدب كبير، كالصمت، والوقار، والهيبة، والخضوع، كما كانت حالة الصحابة رضي الله عنهم مع الرسول ﷺ إذا تكلم أنصتوا كأنما على رؤوسهم الطير. قال الشيخ أبو الحسن رضي لله عنه :" إذا جالست الكبراء فدع ما تعرف إلى ما لا تعرف، لتفوز بالسر المكنون " فإذا انقضى مجلس التذكير رجع كل واحد منذراً وداعياً إلى الله كلَّ مَن لقيه، وقد كان ﷺ يقول لأصحابه :" ليبلغ الشاهد الغائب " فمَن بلغه ذلك واستجاب ربح وغنم، ومَن لا يجب داعي الله خاب وخسر، والاستجابة أقسام، قال القشيري : فمستجيبٌ بنفسه، ومستجيبٌ بقلبه، ومستجيبٌ بروحه، ومستجيبٌ بسرِّه، ومَن توقف عند
١٠١
دعاء الداعي إليه، ولم يُبادر إلى الاستجابة هُجِرَ فيما كان يُخَاطب به. هـ.
قلت : المستجيب بنفسه هو المستجيب بالقيام بوظائف الإسلام، والمستجيب بقلبه القائم بوظائف الإيمان، والمستجيب بروحه القائم بوظائف الإحسان، والمستجيب بسره هو المتمكن من دوام الشهود والعيان، وقول : هجر فيما يُخاطب به، أي : كان يُخاطب بملاحظة الإحسان، فإذا لم يبادر قِيد بسلاسل الامتحان. والله تعالى أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٩٩
قلت :﴿ولم يَعْيَ﴾ حال من فاعل " خلق "، يُقال : عَي، كرضَى، وَعِيَ بالإدغام، وهو أكثر. قاله في الصحاح. وفي القاموس : عَيَّ بالأمر وعَيِيَ كرَضِيَى، وتَعايا واسْتَعيا وتَعَيَّا : لم يهتدِ لوجه مُراده، أو عَجَزَ عنه ولم يُطِقْ إحْكَامه. هـ. و ﴿بقادر﴾ خبر " أن "، ودخلت الباء لاشتمال النفي الذي في صدر الآية على " أنّ " وما في حيّزها، قال الزجاج : لو قلت : ما ظنت أنَّ زيداً بقائم، جاز.


الصفحة التالية
Icon