﴿إِن الله يُدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناتِ تجري من تحتها الأنهارُ﴾ وهذا بيان لحكم ولاية الله لهم وثمرتها الأخروية، ﴿والذين كفروا يتمتعون﴾ في الدنيا بمتاعِها أياماً قلائل، ﴿ويأكلون﴾ غافلين عن عَواقبهم، غير متفكرين فيها ﴿كما تأكل الأنعامُ﴾ في مسارحها، غافلة عما هي بصدده من النحر والذبح، فالتشبيهُ بالأنعام صادقٌ بالغفلةِ عن تدبير العاقبة، وعن شكر المنعِم، وبعدم التمييز للمُضر من غيره، كأكل الحرام وعدم تَوَقيه، وكذا كونُه غير مقصورٍ على الحاجة، ولا على وقتها، وسيأتي في الإشارة إن شاء الله. ﴿والنارُ مثوىً لهم﴾ أي : منزلُ ثوَاه وإقامته، والجملةُ إما حال مقدرةٌ من واو ﴿يأكلون﴾، أو استئناف.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١١
الإشارة : تفكُّر الاعتبار يكون في أربعة، الأول : في سرعة ذهاب الدنيا وانقراضها،
١١٢
كأضغاث أحلام، وكيف غرَّت مَن انتشب بها، وأخذته في شبكتها، حتى قدِم على الله بلا زاد، وكيف دَمّر اللّهُ على أهل الطغيان، واستأصل شأفتهم، فيُنتج ذلك التشمير والتأهُّب ليوم الجزاء. الثاني : في دوام دار البقاء، ودوام نعيمها، فينتهز الفرصة في العمل الصالح، . الثالث : في النِعَم التي أنعم الله بها على عباده، الدنيوية والأخروية، الحسية والمعنوية، قال تعالى :﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم : ٣٤] فينْتِج ذلك الشكر، لتدوم عليه. الرابع : في نصب هذه العوالم، على ما هي عليه من الإبداع والإتقان، فيُثمر ذلك معرفةَ الصانع، وباهرِ قدرته وحكمته.