وقوله تعالى :﴿ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا...﴾ الخ، قال القشيري : المَوْلَى : المحِبُّ، فهو محب الذين آمنوا، والكافرين لا يُحبهم، ويصح أن يُقال : أرجى آيةٍ في القرآن هذه الآية، لم يقل مولى الزُهّاد والعُبّاد وأصحاب الأورادِ والاجتهاد : بل قال :﴿مولى الذين آمنوا﴾ والمؤمن وإن كان عاصياً فهو من جملتهم. هـ. والمحبة تتفاوت بقدر زيادة الإيمان والإيقان حتى يصير محبوباً مقرباً.
قوله تعالى :﴿والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام﴾ وكذلك الغافل، فالأنعام تأكل بلا تمييز، من أي موضع وجدت، كذلك الجاهل، لا تمييز له من الحلال أو من الحرام، والأنعام ليس لها وقت لأكلها، بل تأكل في كل وقت، وكذلك الغافل والكافر. فقد ورد " أن الكفار يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يجتزئ بما تيسّر "، كما في الخبر :" ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرّاً من بطنٍ " والأنعام تأكل على الغفلة، فمَن كان في أكله ناسياً لربه، فأكلُه كأكل الأنعام. انظر القشيري.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١١
قلت :﴿كأيّن﴾ : كلمة مركبة من الكاف و " أيّ "، بمعنى كم الخبرية، ومحلها : الرفع بالابتداء، وقوله :﴿هي أشد﴾ : نعت لقرية، و ﴿أهلكناهم﴾ : خبر، وحذف المضاف، أي : أهل قرية، بدليل " أهكناهم ".
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وكأيِّن من قريةٍ﴾ أي : كثير من أهل قرية ﴿هي أشدُّ قوةً من قريتك﴾ مكة، ﴿التي أخرجتك﴾ أي : تسببوا في خروجك، أي : وكم من قوم هم
١١٣
أشدُّ قوةً من قومك الذين أخرجوك، ﴿أهلكناهم﴾ بأنواع العذاب، ﴿فلا ناصرَ لهم﴾ فلم يكن لهم مَن ينصرهم ويدفعُ العذابَ عنهم، فأنتم يا معشر قريش أهونُ منهم، وأولى بنزول ما حجل بهم.