﴿أفمَن كان على بينة من ربه﴾ أي : حُجةٍ واضحةٍ، وبرهانٍ قاطع، وهو القرآن المعجزُ، وسائر المعجزات، يعني : رسول الله ﷺ، ﴿كمن زُيِّن له سوءُ عمله﴾ وهو أهل مكة، زين للشيطانُ شركَهم وعداوتَهم لله ولرسوله ﷺ ﴿واتبَعوا أهوائهم﴾ الزائغة، ونهمكوا في فنون الضلالات، من غير أن يكون لهم شُبهة توهم صحة ما هم عليه، فضلاً عن حُجةٍ تدل عليها. وقيل : المراد بمَن كان على بينة : المؤمنون فقط، المتمسكون بأدلة الدين.
قال أبو السعود : وجعلُها عبارة عن النبي ﷺ وعن المؤمنين، لا يُساعد النظم الكريم، عى أن الموازاة بينه ﷺ، وبين مَن زُيّنَ له سوءُ عمله مما يأباه مَنصِبُه الجليل. والتقدير : أليس الأمر كما ذُكِر ؟ فمَن كان مستقرّاً على حُجةٍ ظاهرة، وبرهانٍ نيّر من مالكٍ أمره ومُربّيه، وهو القرآن، وسائر الحجج العقلية، ﴿كمَن زُين له سوء عمله﴾ من الشرك وسائر المعاصي، مع كونه في نفسه أقبح القبائح. هـ.
الإشارة : في الآية تهديدٌ لمَن يُؤذي أولياءَ الله، ويُخرجهم من مواطنهم بالهلاك العاجل أو الآجل. وقوله تعالى :﴿أفمن كان على بينة من ربه﴾ تقدّم في سورة هود الكلام عليها. وقال القشيري هنا، في تفسير البينة : هي الضياء والحُجة والاستبصار بواضح المحجة، فالعلماء في ضياء برهانهم، والعارفون في ضياء بيانهم، فهؤلاء بأحكام أدلة الأصول يُبصرون، وهؤلاء بحُكم الإلهام والوصول يستبصرون. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٣
﴿مثل﴾ : مبتدأ حُذف خبره، أي : صفة الجنة ما تسمعون، وقدَّره سيبويه : فيما يُتلى عليكم مثل الجنة، وقيل : المثل زائد، أي : الجنة فيها أنهار... الخ، و ﴿كمَن هو خالد﴾ : خبر لمحذوف، أي : أَمَن هو خالد في هذه الجنة، كمَن هو خالد في النار ؟


الصفحة التالية
Icon