ومَن شرب بكأس الصفا خلص له عن كل شوب بلا كدورة في عهده، فهو في كل وقت ظامئ عن نفسه، خالٍ عن مطالباته، قائم به، بلا شغل في الدنيا ولا في الآخرة، ومَن شرب كأس الولاء عدم فيه القرار، ولم يغب سيرُه لحظة، ليلاً ولا نهاراً، وَمن شرب في حال اللقاء أَنِسَ على الدوام ببقائه ؛ فلم يطلب مع بقائه شيئاً آخر، لا من عطائه ولا من لقائه لاستهلاكه في علائه عند سطوات كبريائه. هـ.
قلت : أما شراب الوفاء ؛ فهو عَقد الإرادة مع الشيخ، أو عقد المحبة والخدمة مع الحق، فيجب الوفاء بكل منهما، وهو كشُرب العطشان من الماء العذب، وأما شراب الصفاء فهو صفاء العلم بالله، وهو كاللبن تتغذى به الأرواح في حال ترقيها إلى الحضرة، وأما شراب الولاء فهو شراب أهل التمكين من الولاية الكبرى، فيشربون من الخمرة الأزلية، فيسكرون، ثم يصحون، وفيها يقول الششتري رضي الله عنه :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٤
لا شراب الدوالِي، إنها أرضيه
خمرُها دُون خمري، خمرتي أزليه
وأما شراب حال اللقاء ؛ فالمراد به، أوقات رجوعهم إلى البقاء، فيتفنّنون في علوم الحكمة وحلاوة المعاملة. والله تعالى أعلم.
١١٦
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٤
قلت :﴿آنفاً﴾ : قال الزمخشري ومَن تبعه : ظرف، أي : الساعة، وقال أبو حيان : لا أعلم أحداً عدّه من الظروف، وجوَّز " مَكيّ " فيه الظرف والحالية. قال الهروي :" آنفاً " مأخذوة من : ائتنفت الشيء : إذا ابتدأته، وروضة أنُفٌ : إذا لم تُرعَ. المعنى : ماذا قال في وقت يقرب من وقتنا ؟ و ﴿أن تأتيهم﴾ : بدل اشتمال من الساعة.