يقول الحق جلّ جلاله :﴿ومنهم مَن يستمعُ إليك﴾ وهم المنافقون، كانوا يحضرون مجلس رسول الله ﷺ، ويسمعون كلامه ولا يَعُونَه، ولا يُراعونَه حق رعايته، تهاوناً منهم، ﴿حتى إِذا خرجوا من عندك قالوا للذين أُوتوا العلم﴾ من الصحابة رضي الله عنهم :﴿ماذا قال آنفاً﴾ ما الذي قال الساعة ؟ على طريقة الاستهزاء، أو : ما القول الذي ائتنفه الآن قبل انفصالنا عنه ؟
وقال مقاتل : كان النبي ﷺ يخطب، ويعيب المنافقين، فسمع المنافقون قوله، فلما خرجوا من المسجد، سألوا ابنَ مسعود عما قال النبي ﷺ استهزاء. وقال ابن عباس :" أنا من الذين أُوتوا العلم، وقد سُئلت فيمن سُئل ". ويقال : الناس ثلاثة : سامع عامل، وسامع غافل، وسامع تارك.
﴿أولئك الذين طبع اللّهُ على قلوبهم﴾ لعدم توجهها إلى الخير أصلاً، ﴿واتبعوا أهواءهم﴾ الباطلة، فلذلك فعلوا ما فعلوا، مما لا خير فيه، ﴿والذين اهتدوا﴾ إلى طريق الحق ﴿زادهم﴾ الله بذلك ﴿هُدىً﴾ علماً وبصيرة، أو شرْح صدر بالتوفيق والإلهام، أو : زادهم ما سمعوا من الرسول ﷺ هدايةً على ما عندهم، ﴿وآتاهم تقواهم﴾ أعانهم عليها، أو : آتاهم جزاء تقواهم، أو : بيَّن لهم ما يتقون.
﴿فهل ينظرون﴾ أي : ما ينتظرون ﴿إِلا الساعةَ أن تأتيهم بغتةً﴾ أي : تُباغِتهم بغتةً، وهي الفجاءة، والمعنى : أنهم لا يتذكرون بأحوال الأمم الخالية، ولا بالإخبار بإتيان الساعة، وما فيها من عظائم الأهوال، وما ينظرون إلا إتيان نفس الساعة بغتة، ﴿فقد جاء أشراطُها﴾ علاماتهان جمع : شَرَط بالتحريك، بمعنى : العلامة، وهي مبعث محمد ﷺ، وانشقاق القمر، والدخان، على قول. وقيل : قطع الأرحام، وقلة الكِرام، وكثر اللئام، فقوله تعالى :﴿فقد جاء أشراطها﴾ تعليل لمفاجأتها، لا لمطلق إتيانها، على معنى : أنه لم يبقَ من الأمور الموجبة للتذكير أمر مترقب ينتظرونه سوى إتيان نفس الساعة إذ قد جاء