١١٧
أشراطها، فلم يرفعوا لها رأساً، ولم يعدوها من مبادئ إتيانها ؛ فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٧
فأنَّى لهم إِذا جاءتهم ذِكراهم﴾
قال الأخفش : التقدير : فأنَّى لهم ذكراهم إذا جاءتهم، أي : فمن أين لهم التذكير والاتعاظ إذا جاءتهم الساعة ؟ فـ " ذكراهم " : مبتدأ، و " أنَّى " : خبر مقدم، و " إذا جاءتهم " : اعتراض، وسط بينهما، رمز إلى غاية سرعة مجيئها، والمقصود : عدم نفع التذكير عند مجيئها، كقوله تعالى :﴿يَوْمَئِذ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ [الفجر : ٢٣].
الإشارة : مجلس الوعظ والتذكير، إن كان المذكِّر من أهل التنوير، نهض المستمع له إلى الله قطعاً، لكن ذلك يتفاوت على قدر سريان النور فيه قطعاً، فمنهم مَن يصل النور إلى ظاهر قلبه، ومنهم مَن يصل إلى داخل القلب، ومنهم مَن يصل إلى روحه، ومنهم مَن يصل إلى سره، وذلك على قدر التفرُّع والاستعداد، فمَن وصل النورُ إلى ظاهر قلبه نهض إلى العمل الظاهر، وكان بين حب الدنيا والآخرة، ومَن وصل إلى قلبه نهض بقلبه إلى الله، ورفض الدنيا وراءه، ومَن وصل إلى روحه انكشف عنه الحجاب، ومَن وصل إلى سره تمكن من شهود الحق.
وفي الحِكَم :" تسبق أنوارُ الحكماء أقوالَهم، فحيثما سار التنويرُ وصل التعبير "، وهذا إن حضر مستفيداً، وأما إن حضر منتقداً، فهو قوله تعالى :﴿ومنهم من يستمع إليك...﴾ الآية، والذين اهتدوا لدخول طريق التربية زادهم هُدىً، فلا يزالون يزيدون تربيةً وترقيةً إلى أن يصلوا إلى مقام التمكين من الشهود. قال القشيري : والذين اهتدوا بأنواع المجاهدات زادهم هُدىً لأنوار المشاهداتْ، واهتدوا بتأمُّل البرهان، فزادهم هُدىً برَوْح البيان، أو اهتدوا بعلم اليقين، فزادهم هُدىً بحق اليقين. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٧


الصفحة التالية
Icon