يقول الحق جلّ جلاله :﴿فاعلم أنه لا إِله إِلا اللّهُ﴾ أي : إذا علمت أن مدار السعادة، والفوز بالنعيم في دار البقاء هو التوحيد والطاعة، ومناط الشقاء والخسران في دار الهوان هو الإشراكُ والعصيان، فاثبت على ما أنت عليه من التوحيد، واعلم أنه لا إله في الوجود إلا الله، فلا يستحق العبادة غيره، ﴿واستغفر لذنبك﴾ وهو ما قد يصدر منه ﷺ من خلاف الأولى، عبّر عنه بالذنب نظراً إلى منصبه الجليل، كيف لا، وحسنات الأبرار سيئات المقربين ؟ فكل مقام له آداب، فإذا أخلّ بشيء من آدابه أُمر بالاستغفار، فلمقام الرسالة آداب، ولمقام الولاية آداب، ولمقام الصلاة آداب، وضعفُ العبودية لا يقوم
١١٨
بجميع حقوق الربوبية، قال تعالى :﴿وَمَا قٌدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الزمر : ٦٧]. وبالجملة فالقيام بالآداب مع الله - تعالى - على ما يستحقه - سبحانه - حتى يُحيط العبد بجميع الآداب مع عظمة الربوبية محال عادة، قال ﷺ مع جلالة منصبه :" لا أُحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " فكل ما قَرُبَ العبدُ من الحضرة شُدّد عليه في طلب الأدب، فإذا أخذته سِنةٌ أُمر بالاستغفار، ولذلك كان ﷺ يستغفر في المجلس سبعين مرة، أو مائة، على ما في الأثر.