وقال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن الفاسي، بعد كلام : والحق أن استغفاره ﷺ طلب ثبات المغفرة والستر من الوقوع، لا طلب العفو بعد الوقوع، وقد أخبره تعالى بأنه فعل. وقد يُقال : استغفار تعبُّد لا غير. قال : والذي يظهر لي أن أمره بالاستغفار مع وعد الله بأنه مغفور له ؛ إشارة إلى الوقوف مع غيب المشيئة، لا مع الوعد، وذلك حقيقةٌ، والوقوف مع الوعد شريعة. وقال الطيبي : إذا تيقنت أن الساعة آتية، وقد جاء أشراطها، فخُذ بالأهم فالأهم، والأَولى فالأَولى، فتمسّك بالتوحيد، ونزِّه اللّهَ عما لا ينبغي، ثم طَهِّر نفسك بالاستغفار عما لا يليق بك، مِن ترك الأَولى، فإذا صِرت كاملاً في نفسك فكن مكمِلاً لغيرك، فاستغفر ﴿للمؤمنين والمؤمنات﴾. هـ. أي : استغفر لذنوبهم بالدعاء لهم، وترغيبهم فيما يستدعي غفران ذنوبهم.
وفي إعادة الجار تنبيه على اختلاف معلّقيْه ؛ إذ ليس موجبُ استغفاره ﷺ كموجب استغفارهم، فسيئاته - عليه السلام - فرضاً حسناتهم. وفي حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه - أي : ولذنب المؤمنين - إشعار بعراقتهم في الذنوب، وفرط افتقارهم إلى الاستغفار.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٨


الصفحة التالية
Icon