﴿وذُكِر فيها القتالُ﴾ أي : أُمر فيها بالجهاد ﴿رأيتَ الذين في قلوبهم مرض﴾ نفاق، أي : رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها، ﴿ينظرون إِليك نظرَ المغشيِّ عليه من الموت﴾ أي : تشخص أبصارُهم جُبناً وجَزعاً ؛ كما ينظر مَن أصابته الغشيةُ عند الموت.
قال القشيري : كان المسلمون تضيق صدورُهم لتأخر الوحي، وكانوا يتمنون أن ينزل الوحيُ بسرعةٍ، والمنافقون إذا ذُكر القتال يكرهون ذلك ؛ لما كان يشُق عليهم القتال،
١٢١
فكانوا بذلك يفتضحون وينظرون إليه نظر المغشيِّ عليه من الموت ؛ أي : بغاية الكراهة لذلك، ﴿فأَوْلَى لهم﴾ تهديد، أي : الوعيد لهم هـ. وقيل : المعنى : فويل لهم، وهو أفعل، من : الوَلْي، وهو القرب، والمعنى : الدعاءُ عليهم بأن يليَهم المكروه، ويقربَ من ساحتِهم، وقيل : أصله : أَوْيَل، فقُلب، فوزنه : أفلَع، قال الثعلبي : يقال لمَن همّ بالعطَب ثم أفلت : أولى لك، أي : قاربت العطَب.
وقوله تعالى :﴿طاعةٌ وقولٌ معروف﴾ استئناف، أي : طاعة لله وللرسول، وقولٌ معروف حسن خيرٌ لهم، أو : يكون حكايةَ قولِ المنافقين، أي : قالوا : أَمْرُنا طاعة وقول معروفٌ، قالوه نفاقاً، فيكون خبراً عن مضمر، وقيل :" أَوْلَى " : مبتدأ، و " طاعة " : خبره، وهذا أحسن، وهو المشهور من استعمال " أَوْلى " بمعنى : أحق وأصوب، أي : فالطاعة والقول المعروف أَوْلى لهم وأصوب.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٢١
فإِذا عَزَمَ الأمرُ﴾ أي : فإذا جدّ الأمر ولزمهم القتال ﴿فَلَوْ صَدَقوا اللّهَ﴾ في الإيمان والطاعة ﴿لكان﴾ الصدق ﴿خيراً لهم﴾ من كراهة الجهاد، وقيل : جواب " إذا " وهو العامل فيها - محذوف، أي : فإذا عزم الأمرُ خالفوا أو تخلّفوا، أو نافقوا، أو كرهوا.