وقال ابن عطية : هو الران الذي منعهم من الإيمان، ثم ذكر حكاية الشاب، وذلك أن وفْد اليمن قدم على النبي ﷺ وفيهم شاب، فقرأ عليهم النبيُّ ﷺ هذه الآية، فقال الشابُّ : عليها أقفالها حتى يفتحها الله ويُفْرجَها، قال عمر : فعَظُم في عيني، فما زالت في نفس عمر رضي الله عنه حتى وُلّي الخلافة، فاستعان بذلك الفتى. هـ. وفي الحديث :" إذا أراد الله بعبد خيراً فتح له قُفل قلبه، وجعل فيه اليقين ". الإشارة : أهل التوجُّه والرياضة يفرحون بما ينزل بهم، مما يثقل على نفوسهم، كالفاقات والأزمات، وتسليط الخلق عليهم، وغير ذلك من النوائب ؛ لتموت نفوسهم ؛ فتحيا قلوبهم وأرواحهم بمعرفة الله، والذين في قلوبهم مرض كالوساوس والخواطر يفرُّون من ذلك، وينظرون - حين يرون أمارات ذلك - نظر المغشي عليه من الموت، فالأَوْلى لهم الخضوع تحت مجاري الأقدار، والرضا والتسليم لأحكام الواحد القهار، فإذا عزم الأمرُ بالتوجه إلى جهاد النفس، أو بالسفر إلى مَن يُداويها، فلو صدقوا في الطلب، وتوجّهوا للطبيب، لكان خيراً لهم. فهل عسيتم إن توليتم وأعرضتم عن ذلك، ولم تُسافروا إلى الطبيب، أن تُفسدوا في الأرض بالمعاصي والغفلة، وتُقطعوا أرحامكم، إذا لا يصل رحِمَه حقيقةً إلا مَن صفا قلبه، ودخله الخوف والهيبة، أولئك الذي أبعدهم اللّهُ عن حضرتِه، فأصمَّهم عن سماع الداعي إلى الله، وأعمى أبصارهم عن رؤية خصوصيته، وأنوار معرفته، أفلا يتدبرون القرآن، فإنَّ فيه علومَ الظاهر والباطن، لكن إذا زالت عن
١٢٣
القلوب الأقفال، وحاصلها أربعة : حب الدنيا، وحب الرئاسة، والانهماك في الحظوظ والشهوات، وكثرة العلائق والشواغل، فإن سَلِمَ من هذه صفا قلبُه، وتجلّت فيه أسرارُ معاني الذات والصفات، فيتدبّر القرآن، ويغوص في بحر أسراره، ويستخرج يواقيتَه ودرره. وبالله التوفيق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٢١


الصفحة التالية
Icon