أَمْ حَسِبَ الذين في قلوبهم مرضٌ} هم المنافقون الذين فصلت أحوالهم الشينعة، ﴿أن لن يُخرج اللّهُ أضغانهم﴾ أحقادهم، فـ " أَمْ " منقطعة، و " أن " مخففة، واسمها : ضمير الشأن، أي : أظن المنافقون الذين في قلوبهم حِقد وعداوة أنه لن يُخرج اللّهُ أحقادهم، ولن يُبرزَها لرسول الله ﷺ والمؤمنين، فيبقي أمورَهم مستورة ؟ بل لا يكاد يدخل ذلك تحت الاحتمال. ﴿ولو نشاء لأريناكهم﴾ ودللناك عليهم بأمارات، حتى تعرفهم بأعينهم، معرفةً مزاحِمةً للرؤية. والالتفات لنون العظمة لإبراز العناية بالإرادة، وفي مسند أحمد، عن ابن مسعود : خطبنا رسول الله ﷺ فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال :" إن منكم منافقين، فمَن سميتُ فليقم، ثم قال : قم يا فلان، حتى سمّى ستة وثلاثين " انظر الطيبي. ﴿فَلعَرفتَهم بسِيماهم﴾ بعلامتهم التي نَسِمُهم بها، وعن ابن عباس رضي الله عنه : ما خَفي عن رسول الله ﷺ بعد هذه الآية شيء من المنافقين ؛ كان يعرفهم بسيماهم، ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين، يشْكُرهم الناس ؛ فناموا، فأصبح على وجه كل واحد منهم مكتوب : هذا منافق " قال ابن زيد : قصد الله إظهارَهم، وأمرَهم أن يخرجوا من المسجد، فأبوا إلا أن يتمسّكوا بلا إله إلا الله، فحُقِنت دماءهم، ونَكحوا ونُكح منهم بها.