﴿والله الغنيُّ﴾ عن كل ما سواه، ويفتقر إليه كُلَّ ما عداه، ﴿وأنتم الفقراءُ﴾ أي : إنه - تعالى - لا يأمر بذلك لحاجته إليه ؛ لأنه الغنيُّ عن الحاجات، ولكن لحاجتكم وفقركم إلى الثواب، ﴿وإِن تَتولَّوا﴾ أي : وإن تُعرضوا أيها العرب عن طاعته، وطاعة رسوله، والإنفاق في سبيله ﴿يستبدل قوماً غيرَكم﴾ يخلف قوماً خيراً منكم وأطوع، ﴿ثم لا يكونوا أمثالكم﴾ في الطاعة، بل أطوع، راغبين فيما يقرب إلى الله ورسوله، وهم فارس، وسئل رسول الله ﷺ عن هؤلاء القوم - وكان سلمان إلى جنبه، فضرب على فخذه، فقال :" هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثُريا لتناوله رجالٌ من فارس ".
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٢٧
قلت : صدق الصادق المصدوق، فكم خرج منهم من جهابذة العلماء، وأكابر الأولياء، كالجنيد، إما الصوفية، والغزالي، حَبر هذه الأمة، وأضرابهما. وقيل : الملائكة، وقيل : الأنصار، وقيل : كندة، وقيل : الروم، والأول أشهر.
الإشارة :﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ أو خليفته، وهو الداعي إلى الله على بصيرة العيان، ولا تُبطلوا أعمالكم، برجوعكم عن السير، بترك المجاهدة قبل المشاهدة. إنَّ الذين كفروا بوجود خصوصية التربية، وصدُّوا الناسَ عنها، ثم ماتوا على ذلك، لن يستر اللّهُ مساوئهم، ولا يُغيّبهم عن شهود نفوسهم التي حجبتهم عن الله. فلا تهنوا : ولا تضعُفوا، أيها المترفهون، عن مجاهدة نفوسكم، فينقطع سيركم، وذلك بالرجوع إلى الدنيا، ولا تدعوا إلى السلم والمصالحة بينكم وبين نفوسكم، وأنتم الأعلون، قد أشرفتم على الظفر بها، والله معكم ؛ لقوله :﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنآ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت : ٦٩] ولن ينقصكم شيئاً من أعمالكم، بل يُريكم
١٢٩