﴿ولله جنودُ السماوات والأرض﴾ وهي الجنود التي يمد الله بها الروح في محاربتها للنفس، حتى تغلبها وتستولي عليها، وهي اليقين، العلم، والذكر، والفكر، والواردات الإلهية، التي تأتي من حضرة القهّار، فتدمغ كل ما تُصادمه من الأغيار والأكدار، وكان الله عليماً بمَن يستحق هذه الواردات، حكيماً في ترتيبها وتدبيرها، ليُدخل مَن تأيّد بها جنات المعارف، تجري من تحتها أنهار العلوم والحِكَم، ويغطي عنهم مساوئهم حتى يصلوا إليه، بما منه إليهم، لا بما منهم إليه وهذا هو الفوز العظيم، يفوز صاحبه بالنعيم المقيم، في جوار الكريم. ويُعذب أهل النفاق المنتقدين على أولياء الله، المتوجهين إليه، الظانين بالله ظن السوء، وهو أن خصوصية التربية انقطعت. ﴿ولله جنود السماوات والأرض﴾ أي : جنود الحجاب، وهو جند النفس، من الهوى والشيطان، والدنيا والناس، يُسلطها على مَن يشاء من عباده، إن يبقى في ظلمة الحجاب، والله غالب على أمره.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنّا أرسلناك شاهداً﴾ تشهد على أمتك يوم القيامة، كقوله :﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ [البقرة : ١٤٣] وهو حال مقدَّرة، ﴿ومبشِّراً﴾ لأهل الطاعة
١٣٥
بالجنة، ﴿ونذيراً﴾ لأهل المعصية بالنار، ﴿لتؤمنوا بالله ورسوله﴾ والخطاب للرسول والأمة، ﴿وتُعزِّروه﴾ تقوُّوه بنصر دينه، ﴿وتُوقِّروه﴾ أي : تُعظِّموه بتعظيم رسوله وسائر حرماته، ﴿وتُسبِّحوه﴾ تُنزِّهوه، أو تُصلوا له، من : السبحة، ﴿بكرةً وأصيلاً﴾ غدوة وعشية، قيل : غدوة : صلاة الفجر، وعشية : الظهر والعصر والمغرب والعشاء. والضمائر لله تعالى. ومَن فرّق ؛ فجعل الأولين للنبي ﷺ والأخير لله تعالى، فقد أبعد. وقرأ المكي والبصري بالغيب في الأربعة، والضمائر للناس، وقرأ ابن السميفع :" وتُعززوه " بزاءين، أي : تنصروه وتُعِزُّوا دينه.