يقول الحق جلّ جلاله :﴿ليس على الأعمى حرجٌ﴾ في التخلُّف عن الغزو ﴿ولاعلى الأعرج حرجٌ ولا على المريض﴾ الذي لا يقدر على الحرب ﴿حرج﴾ لأن الجهاد منوط بالاستطاعة ونفي الحرج، وهؤلاء أعذارهم ظاهرة صحيحة، فلا حرج عليهم في التخلُّف. وفي التصريح بنفي الحرج مع كل طائفة مزيد اعتناء بأمرهم، وتوسيع لدائرة الرخصة. ﴿ومَن يُطع الله ورسوله﴾ فيما ذكر من الأوامر والنواهي، ﴿يُدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومَن يتولّ﴾ يُعرض عن الطاعة ﴿يُعذبه عذاباً أليماً﴾ لا يقادر قدره. وقرأ نافع والشامي بنون العظمة، والباقي بيان الغيبة.
الإشارة : أصحاب هذه الأعذار إن صحبوا الرجال، وحطُّوا رؤوسهم لهم، وبذلوا نفوسهم وفلوسهم، سقط عنهم السفر إلى صحبة أشياخهم، ووصفت الواردات والأمداد إليهم في أمكانهم، ونالوا مراتب الرجال، حيث حبسهم العذر من العمى والعرج والمرض المزمن، والله يزرق العبدَ على قدر نيته وهمته.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿لقد رَضِي اللّهُ عن المؤمنين﴾ وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم بقوله :﴿إن الذين يبايعونك...﴾ الآية، وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان و " إذ " منصوب بـ " رَضِيَ "، وصيغة المضارع لاستحضار الصورة العجيبة، و ﴿تحت الشجرة﴾ : متعلق به، أو : بمحذوف، حال من مفعوله، أي : رَضِيَ عنهم وقت مبايعتهم لك ﴿تحت الشجرة﴾ أو : حاصلاً تحتها.
رُوي : أنه ﷺ لمّا نزل الحديبية، بعث خِراش بن أمية الخزاعي، رسولاً إلى أهل مكة، فَهَمُّوا به، وأنزلوا عن بعيره، فمنعته الأحابيش، فلما رجع دعا بعُمر ليبعثه، فقال : يا رسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي، وليس بمكة من بني عدي أحدٌ يمنعني، ولكن عثمان أعزّ بمكة مني، فبعث عثمان إلى أبي سفيان وأشراف قريش، يخبرهم أنه ﷺ جاء زائراً إلى البيت، مُعظِّماً لحُرمته، ولم يُرد حرباً، فوقروه، وقالوا : إن شئت أن تطوف


الصفحة التالية
Icon