﴿فأنزل السكينة عليهم﴾ أي : الطمأنينة والأمن، وسكون النفس، بالربط على قلوبهم، ﴿وأثابهم﴾ أي : جازاهم ﴿فتحاً قريباً﴾ وهو فتح خيبر عقب انصرافهم من الحديبية كما تقدّم. ﴿ومغانمَ كثيرةً يأخذونها﴾ وهي مغانم خيبر، وكانت أرضاً ذات عقار وأموال، فقسمها بينهم، ﴿وكان الله عزيزاً﴾ منيعاً فلا يغالب، ﴿حكيماً﴾ فيما يحكم به فلا يعارَض.
﴿وعَدَكُمْ اللّهُ مغانِمَ كثيرةً تأخذونها﴾ هو ما فتح على المؤمنين، وغنموه مع النبي ﷺ وبعده إلى يوم القيامة. والالتفات إلى الخطاب لتشريفهم في مقام الامتنان. ﴿فعجَّلَ لكم هذه﴾ المغانم، يعني مغانم خيبر، ﴿وكفَّ أيديَ الناس عنكم﴾ أي : أيدي أهل خيبر وحُلفاءهم من أسد وغطفان حين جاءوا لنصرتهم، فقذف الله في قلوبهم الرعب فانصرفوا، وقيل : أيدي أهل مكة بالصلح، ﴿ولِتكون﴾ هذه الكفَّة ﴿آيةً للمؤمنين﴾ وعبرةً يعرفون أنهم من الله بمكان، وأنه ضامن لنصرتهم والفتح عليهم، أو : لتكون آية يعرفون
١٤٢
بها صدقَ الرسول ﷺ من وعده إياهم عند رجوعه من الحديبية بما ذكر من المغانم، ودخول مكة، ودخول المسجد الحرام آمنين. واللام إما متعلقة بمحذوف مؤخر، أي : وليكون آية لهم فعل ما فعل من التعجيل والكف، وإما يتعلق بعلة أخرى محذوفة من أحد الفعلين، أي : فعجَّل لكم هذه وكفَّ أيدي الناس عنكم لتغنموها ولتكون... الخ، ﴿ويهديكم صراطاً مستقيماً﴾ أي : يزيدكم بصيرةً ويقيناً وثقةً بوعد الله حتى تثقوا في أموركم كلها بوعد الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon