ووجه المنّة في كفّ أيدي المؤمنين عن الكافرين : ما ذكر بعد من قوله :﴿ولولا رجال مؤمنون﴾... الآية، أو : ما تطرق بسببه من الصلح وانقيادهم إليه، فإنهم لما رأوا أصحابهم انهزموا أذعنوا للصلح، وقال القشيري : بعد أن اضطرهم المسلمون إلى بيوتهم، أنزل الله هذه الآية يمنُّ عليهم، حيث كفّ أيديَ بعضهم عن بعض، عن قدرة من المسلمين، لا عن عجز، فأما الكفار فكفُّوا أيديهم رُعباً وخوفاً، وأما المسلمون فنهياً من قِبل الله، لما في أصلابهم من المؤمنين. هـ. ﴿وكان الله بما تعملون﴾ من مقاتلتهم وهزمهم أولاً، والكفّ عنهم ثانياً، لتعظيم بيته الحرام، وقرأ البصري بياء الغيب، أي : بما يعمل المشركون ﴿بصيراً﴾ فيجازي كُلاًّ بما يستحقه. ﴿هم الذين كفروا وصدُّوكم عن المسجد الحرام﴾ ﴿و﴾ صدُّوا ﴿الهدْيَ﴾ حال كونه ﴿معكوفاً﴾ أي : محبوساً عن ﴿أن يبلغ مَحِلَّهُ﴾ أي : مكانه الذي يحلّ به نحره، وهو منىً وكان ﷺ ساق سبعين بدنة، فلما صُدّ، نَحَرَها بموضعه، وبه استدل مَن قال : إنّ المحصَر ينحر هداياه بموضعه، وروي أن خيامه ﷺ كانت في الحل، ومصلاّه في الحرم، وهناك
١٤٥
نحرت هداياه صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.