وإلزمهم كلمةَ التقوى} شهادة " لا إله إلا الله " وقيل : بسم الله الرحمن الرحيم، وقيل : محمد رسول الله، وقيل : الوفاء بالعهد، والثابت عليه. وإضافتها إلى التقوى ؛ لأنها سببها وأساسها، وقيل : كلمة أهل التقوى. ﴿وكانوا أحقَّ بها﴾ أي : متصفين بمزيد استحقاق بها، على أن صيغة التفضيل للزيادة مطلقاً، أو : أحق بها من غيرهم من سائر الأمم ﴿و﴾ كانوا أيضاً ﴿أهلها﴾ المتأهلون لها بتأهيل الله إياهم. قال القشيري : كلمة التقوى هي التوحيد عن قلبٍ صادق، وأن يكون مع الكلمة الاتقاءُ الشرْك، وكانوا أحق بها في سابق حكمه، وقديم علمه، وهذا إلزام إكرام ولطف، لا إلزام إكراهٍ وعنف، وإلزامُ بر، لا إلزام جبر. هـ. ﴿وكان الله بكل شيء عليماً﴾ فيجري الأمور على مساقها، فيسوق كلاًّ إلى ما يستحقه.
الإشارة : لا يصل العبد إلى مولاه حتى تكون نفسه أرضية، وروحه سماوية، يدور مع الحق أينما دار، ويخضع للحق أينما ظهر، ولأهله أينما ظهروا، لم تبقَ فيه حَميّة ولا أَنفة، بل يكون كالأرض يطأها البار والفاجر، ولا تميز بينهما، وأما مَن فيه حمية الجاهلية، فهو من أهل الخذلان، وأما أهل العناية، فأشار إليهم بقوله :﴿فأنزل الله سكينته على رسوله﴾ فكان متواضعاً سهلاً ليناً، كما قال تعالى :﴿وَإِنكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم : ٤] وعلى المؤمنين فأخبر عنهم بقوله :﴿أَشِدَّآءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمآءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح : ٢٩] الآية، و " ألزمهم كلمة التقوى "، " لا إله إلا الله " لأنها تهذِّب الأخلاق، وتُخرج ما في
١٤٨
القلب من الأمراض والنفاق ؛ لأن النفي : تنزيه وتخلية، والإثبات : نور وتحلية، فلا يزال النفي يخرج مِنَ القلب ما فيه هي الظلمة والمساوئ، حتى يتطهّر ويتصف بكمال المحاسن.


الصفحة التالية
Icon