قال في نوادر الأصول، لمّا تكلم على ﴿وألزمهم كلمة التقوى﴾ : هو " لا إله إلا الله "، وجه تسميتها بذلك : أنه اتقى بها ونفى ما أحدث من الشرك، حميةً للتوحيد وعصبيةً وغيرةً، اقتضاها نورُ التوحيد والمحبة، فنفى القلبُ كلَّ رب ادعى العبادُ ربوبيته، وولِهت قلوبهم إليه، فابتدأ هذا القلب - الذي وصفنا - بالنفي لأرباب الأرض، ثم سَما عالياً حتى انتهى إلى الرب الأعلى، فوقف عنده، وتذلّل وخشع له، واطمأن وولِه إليه. وقال لنبيه :﴿سَبْحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ [الأعلى : ١] أي : إن هذه أرباب متفرقون، والرب الله الواحد القهار، فهداه إلى الرب الأعلى، وقال :﴿وَأنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى﴾ [النجم : ٤٢]. ثم قال : ألزم قلوبَهم هذه الكلمة بنور المحبة، كما قال :﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُم﴾ [الحجرات : ٧]، فبحلاوة الحب، وزينة البهاء، صارت الكلمة لازمةً لقلوبهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٧
وأما قوله :﴿وكانوا أحق بها وأهلها﴾ فإنما صاروا كذلك ؛ لأن الله كان ولا شيء، فخلق المقادير، وخلق الخلق في ظلمة، ثم رشّ عليهم من نوره، فمَن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومَن أخطأه ضلّ، فقد علم مَن يخطئه ممن يصيبه. ثم ذكر أحاديث، من ذلك : حديث ابن عمرو :" إن الله خلق خلقه، ثم جعلهم في ظلمة، ثم أخذ من نوره ما شاء، فألقاه عليهم، فأصاب النور مَن شاء أن يُصيبه، وأخطأ مَن شاء أن يخطئه... " الحديث. ثم قال بعد كلام طويل : ثم لمّا نفخ الروح في آدم أخرج نَسَمَ بنيه، أهل اليمين، من كتفه الأيمن في صفاء وتلألؤ، وأصحاب الشمال كالحمَّة سُود من كتفه الأيسر، والسابقون أمام الفريقين، المقربون، وهم الرسل والأنبياء والأولياء، فقرّبهم كلهم، وأخذ عليهم ميثاق على الإقرار بالعبودية، وأشهدهم على أنفسهم، وشهد عليهم بذلك. ثم ردّهم إلى الأصلاب ليخرجهم تناسلاً إلى الأرحام. هـ.


الصفحة التالية
Icon