وقال الجنيد رضي الله عنه في قوله :﴿وكانوا أحقَّ بها وأهلَها﴾ : مَن أدركه عناية السبق في الأزل جرى عليه عنوان المواصلة، وهو أحق بها، لِما سبق إليه من كرامة الأزل. هـ. والحاصل : أنهم أحق بها بالسبق بالاصطفائية، وبقيت نعوتها وأنوارها في قلوبهم، دون الذي حجبهم الله عن رؤية نورها. قاله في الحاشية.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٧
يقول الحق جلّ جلاله :﴿لقد صَدَقَ اللّهُ رسولَه الرؤيا﴾ أي : صدَقه في رؤياه ولم يكذبه - تعالى الله عن الكذب - فحذف الجارَ وأوصل الفعل ؛ كقوله :﴿صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب : ٢٣] يقال : صدقه الحديث : إذا حققه وبيّنه له، أو : أخبره بصدق رُوي أنه ﷺ رأى في النوم، قبل خروجه إلى الحديبية، كأنّه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين، وقد حلقوا وقصّروا، فقصّ الرؤيا على أصحابه، ففرحوا، وحسِبوا أنهم داخلوها، وقالوا : إن رؤيا رسول الله حق. والله تعالى قد أبهم الأمر عليهم لينفرد بالعلم الحقيقي، فلما صُدوا، قال عبد الله بن أُبيّ وغيرُه من المنافقين : والله ما حلقنا ولا قصّرنا، ولا رأينا المسجد الحرام، فنزلت :﴿لقد صَدَقَ اللّهُ رسوله﴾ فيما أراه، وما كذب عليه، ولكن في الوقت الذي يريد.


الصفحة التالية
Icon