وقوله :﴿بالحق﴾ إما صفة لمصدر محذوف، أي : صدقاً ملتبساً بالحق، أي : بالغرض الصحيح، والحكمة البالغة التي تُميز بين الراسخ في الإيمان، والمتزلزل فيه، أو : حال من الرؤيا، أي : ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام، ويجوز أن يكون قسَماً، أي : أقسم بالحق ﴿لَتدخُلُنَّ المسجدَ الحرامَ﴾ وعلى الأول : جواب القسم محذوف، أي : والله لتدخلن المسجد الحرام، والجملة القسمية : استنئاف بياني، كأن قائلاً قال : ففيم صَدَقَه ؟ فقال :﴿لتدخلن المسجد إن شاء الله﴾ وهو تعليق للعِدة بالمشيئة لتعليم العبادة. قال ثعلب : استثنى الله فيما يعلم ؛ ليستثني الخلق فيما لا يعلمون. وقال في القوت : استثنى الله معلماً لعباده ورَادّاً لهم إلى مشيئته، وهو أصدقُ القائلين، وأعلمُ العالمين. هـ. أو : للإشعار بأن بعضهم لا يدخلونه، لموت، أو غيبة، أو غير ذلك، أو : هو حكاية لِما قاله ملَك الرؤيا لرسول الله ﷺ، أو لِما قاله ﷺ لأصحابه، حين قصّ عليهم، أي : والله لتدخلنها ﴿آمنين﴾ من غائلة العدو، فهو حال من فاعل " لتدخلن " والشرط معترض. ﴿مُحلِّقين رؤوسَكم ومقصِّرين﴾ أي : محلقاً بعضكم، ومقصراً آخرون، ﴿لا تَخافون﴾ بعد ذلك أبداً، فهو حال أيضاً، أو استئناف، ﴿فَعِلمَ ما لم تعلموا﴾ من الحكمة في تأخير فتح مكة إلى العام القابل، ﴿فجعل من دون ذلك﴾ فتح مكة ﴿فتحاً قريباً﴾ وهو فتح خيبر، لتستروح إليه قلوبُ المؤمنين، إلى أن يتيسر الفتح الموعود. والله تعالى أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٩


الصفحة التالية
Icon