الإشارة : العارف الكامل لا يركن إلى شيء دون الله تعالى، فلا يطمئن إلى وعد، ولا يخاف من وعيد، بل هو عبد بين يدَي سيده، ينظر ما يبرز من زمن عنصر قدرته، فإن بُشِّر بشيء في النوم أو اليقظة، لا يركن إليه، ولا يقف معه ؛ لأن غيب المشيئة غامض، وإن خُوّف بشيء في النوم أو غيره، لا يفزع ولا يجزع ؛ لأن الغنى بالله والأُنس به غيَّبه
١٥٠
عن كل شيء، وفي الله خلف من كل تلف " ماذا فقد من وجدك ؟ " والله يتولى الصالحين، ﴿وَمَن يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً...﴾ [الطلاق : ٢] الآية.
قال في الإبريز : الرؤيا المُحْزِّنة إنما هي اختبار من الله للعبد، هل يبقى مع ربه أو ينقطع عنه، فإن كان العبد متعلقاً به تعالى، ورأى الرؤيا المحزنة، لم يلتفت إليها، ولما يُبال بها ؛ لعلمه بأنه منسوب إلى مَن بيده تصاريف الأمور، وأنَّ ما اختاره تعالى سبقت به المشيئة، فلا يهوله أمر الرؤيا، ولا يلقي إليها بالاً، وهذه لا تضره بإذن الله تعالى : وإذا كان العبد غير متعلق بربه، ورأى رؤيا محزنة، جعلها نصب عينيه، وعمّر بها باطنه، وانقطع بها عن ربه، ويُقدِّر أنها لا محالة نازلة به، فهذا هو الذي تضره ؛ لأنَّ مَن خاف من شيء سلّطه عليه. هـ.
وسُئل سهل التستري رضي الله عنه عن الاستثناء في هذه الآية، فقال : تأكيداً في الافتقار إليه، وتأديباً لعباده في كل حال ووقت. هـ. أي : أدّبهم لئلاّ يقفوا مع شيء دونه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٩


الصفحة التالية
Icon