يقول الحق جلّ جلاله :﴿هو الذي أرسل رسولَه بالهُدى﴾ بالتوحيد، أي : ملتبساً به، أو : بسببه، أو : لأجْله، ﴿ودينِ الحق﴾ وبدين الإسلام، وبيان الإيمان والإحسان، وقال الورتجبي : ودين الحق : هو بيان معرفته والأدب بين يديه. هـ. ﴿ليُظهره على الدين كله﴾ ليُعْلِيَه على جنس الدين، يريد الأديان كلها من أديان المشركين وأهل الكتاب، وقد حقّق ذلك سبحانه، فإنك لا ترى ديناً قط إلا والإسلام فوقه بالعزة والغلبة، إلا ما كان من النصارى بالجزيرة، حيث فرّط أهل الإسلام، وقيل : هو عند نزول عيسى عليه السلام حين لا يبقى على وجه الأرض كافر. وقيل : هو إظهاره بالحجج والآيات. ﴿وكفى بالله شهيداً﴾ على أن ما وعده كائن. وعن الحسن : شهد على نفسه أنه سيُظهر دينه، أو : كفى به شهيداً على نبوة محمد صلى عليه وسلم وهو تمييز، أو حال.
﴿محمد رسولُ الله﴾ أي : ذلك المرسَل بالهدى ودين الحق هو محمد رسول الله،
١٥١
فهو خبر عن مضمر، و " رسول " : نعت، أو : بدل، أو : بيان، أو :" محمد " : مبتدأ و " رسول " : خبر، ﴿والذين معه﴾ مبتدأ، خبره :﴿أشداءُ على الكفار رُحماءُ بينهم﴾ أو :" الذين " : عطف على " محمد "، و " أشداء " : خبر الجميع، أي : غِلاظ شِداد على الكفار في حَرْبهم، رُحماء متعاطفون بينهم، يعني : أنهم كانوا يُظهرون لمَن خالف دينهم الشدة والصلابة، ولمَن وافقَ دينهم الرأفةَ والرحمةَ، وهذا كقوله تعالى :﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة : ٥٤]، وبلغ من تشديدهم على الكفار أنهم كانوا يتَحرّزون من ثيابهم أن تلزق بثياب الكفار، ومن أبدانهم أن تمسّ أبدانهم، وبلغ من تراحمهم فيما بينهم : أنهم كانوا لا يرى مؤمنٌ مؤمناً إلا صافحه وعانقه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥١


الصفحة التالية
Icon