﴿ذلك مَثَلُهم في التوراة﴾ الإشارة إلى ما ذكر من نعوتهم الجليلة، وما فيها من معنى البُعد مع قُرب العهد للإيذان بعلو شأنه، وبُعد منزلته في الفضل، أي : ذلك وصفهم العجيب الجاري في الغرابة مجرى الأمثال، هو نعتهم في التوراة، أي : كونهم أشدّاء على الكفار، رحماء بينهم، سيماهم في وجوههم.
ثم ذكر وَصْفَهم في الإنجيل فقال :﴿ومَثَلُهم في الإِنجيل كزرعٍ..﴾ الخ، وقيل عطفٌ على ما قبله، بزيادة " مَثَلَ "، أي : ذلك مثلُهم في التوراة والإنجيل، ثم بيَّن المثل فقال : هم كزرع ﴿أخرج شطأه﴾ فِرَاخَه، يقال : أشْطأ الزرع : أفرخ، فهو مُشْطِىءٌ، وفيه لغات : شطأه بالسكون والفتح، وحذف الهمزة، كقضاة. و " شطَهُ "، بالقصر، ﴿فآزره﴾ فقوّاه، من : المؤازرة، وهي الإعانة، ﴿فاستغلظ﴾ فصار من الرقة إلى الغلظ، ﴿فاستوى على سُوقه﴾ فاستوى على قصبه، جمع : ساق، ﴿يُعجِبُ الزُّرَّاع﴾ يتعجبون من قوّته، وكثافته، وغِلظه، وحُسن نباتِه ومنظره. وهو مَثَلٌ ضربه الله لأصحابه ﷺ في بدء الإسلام، ثم كثروا واستحكموا، بتَرَقي أمرُهم يوماً بيوم، بحيث أعجب الناسَ أمرهم، فكان الإسلام يتقوّى كما تقوى الطاقة من الزرع، بما يحتفّ بها مما يتولّد منها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥١
وقيل : مكتوب في الإنجيل : سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف، وينْهون عن المنكر. وعن عكرمة : أخرج شطأه بأبي بكر، فآرزه بعمر، فاستغلظ بعثمان، فاستوى على سوقه بعليّ. وحكى النقاش عن ابن عباس، أنه قال : الزرعُ النبي ﷺ، فآزره عليّ بن أبي طالب، فاسغلظ بأبي بكر، فاستوى على سوقه بعمر. هـ.


الصفحة التالية
Icon