المسلك، وفي هذا تميهد لما نُقِم منهم من رفع أصواتهم فوق صوته ؛ لأن مَن فضَّله الله بهذه الأَثْرة، واختصه بهذا الاختصاص، كان أدنى ما يجب له من التهيُّب والإجلال : إن لا يُرفع صوتٌ بين يديه، ولا يُقطع أمر دونه، فالتقدمُ عليه تَقَدمٌ على الله ؛ لأنه لا ينطلق عن الهوى، فنبغي الاقتداء بالملائكة ؛ حيث قيل فيهم :﴿لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ..﴾ [الأنبياء : ٢٧] الخ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥٥
قال عبد الله بن الزبير : قَدِمَ وفد من تميم على رسول الله ﷺ فقال أبو بكر : لو أمَّرت عليهم القعقاع بن معبد، وقال عمر : يا رسول الله ؛ بل أَمِّر الأقرعَ بن حابس ؛ فقال أبو بكر : ما أردتُ إلا خلافي، وقال عمر : ما أردتُ خِلافَك، وارتفعت أصواتهما، فنزلت. فعلى هذا يكون المعنى : لا تُقَدِّموا وُلاةً، والعموم أحسن كما تقدّم. وعبارة البخاري :" وقال مجاهد :(لا تقُوموا) لا تَفْتاتُوا على رسول الله ﷺ حتى يَقضي اللّهُ - عزّ وجل - على لسانه ". وعن الحسن : أن ناساً ذبحوا يوم الأضحى قبل الصلاة، فنزلت، فأمرهم رسولُ الله ﷺ أن يعيدوا، وعن عائشة : أنها نزلت في النهي عن صوم يوم الشك. ﴿واتقوا اللّهَ﴾ في كل ما تأتون وتذرون من الأحوال والأفعال، التي من جملتها ما نحن فيه، ﴿إِنَّ اللّهَ سميع﴾ لأقوالكم ﴿عليم﴾ بأفعالكم، فمن حقِّه أن يُتَّقى ويُراقَب.


الصفحة التالية
Icon