وقال في قوله تعالى :﴿لا ترفعوا أصواتَكم...﴾ الآية، يُشير إلى أنه من شرط المؤمن : ألا يرى رأيَه وعقلَه واختيارَه فوق رأي النبي والشيخ، ويكون مستسلماً لرأيه، ويحفظ الأدب في خدمته وصحبته، ﴿ولا تجهرا له بالقول كجهر بعضكم لبعض﴾ أي : لا تخاطبوه كخطاب بعضكم لبعض، بل خاطبوه بالتعظيم والتبجيل، ولا تنظروا إليه بالعين التي تنظرون إلى أمثالكم، وإنه لحُسْن خُلقه قد يُلاعبكم، فلا تنبسطوا معه، متاجسرين عليه بما يُعاشركم من خُلقه، ولا تَبدأوه بحديث حتى يُفاتحكم، أن تحبط أعمالكم بسوء أدبكم، وأنتم لا تشعرون. إنَّ الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله وعند شيخه أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، أي : انتزع عنها حبّ الشهوات، وصفّاها من دنس سوءِ الأخلاق، وتخلقت بمكارم الأخلاق، حتى انسلختْ من عادات البشرية. هـ.
وقال في القوت : الوقاية مقرونة بالنصرة ؛ فإذا تولاَّه نَصَره على أعدائه، وأعْدى عدُوه نفْسُه، فإذا نَصَره عليها، أخرج الشهوة منها، فامتحنَ قلبَه للتقوى، ومحّض نفسَه، فخلّصها من الهوى. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥٥
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّ الذين يُنادونك من وراء الحجرات﴾ من خارجها، أو : من خلفها، أو : من أمامها، فالوراء : الجهةُ التي تُواري عنك الشخص تُظلّله من خلف أو من قُدّام، و " مِن " لابتداء الغاية، وأنّ المناداة نشأت من ذلك المكان، والحجرة : الرقعة من الأرض، المحجورة بحائطٍ يحوط عليها، فعْلة، بمعنى مفعولة، كالقُبْضَة، والجمع :
١٥٨
حُجُرات، بضمتين، وبفتح الجيم، والمراد : حجرات النبي ﷺ، وكان لكل امرأة حُجرة.