نزلت في وفد بني تميم، وكانوا سبعين، وفيهم عينيةُ بن حِصنُ الفزاري، والأقرعُ بن حابس، وفَدوا على النبي ﷺ وقت الظهيرة، وهو راقد، فنادوا رسولَ الله ﷺ من وراء حجراته، وقالوا : اخرجْ إلينا يا محمدُ ؛ فإنَّ مَدْحَنَا زَيْنٌ، وذمّنا شيْن، فاستيقظ، وخرج عليه السلام وهو يقول :" ذلكم الله الذي مدحُه زين، وذمّه شين "، فقالا : نحن قوم من بني تميم، جئنا بشاعرنا وخطيبنا، لنُشاعركَ، ونُفاخرك، فقال ﷺ :" ما بالشعر بُعثت، ولا بالفخار أُمرت "، ثم أمر ﷺ خطيبهم فتكلّم، ثم قال لثابت بن قيس بن شماس - وكان خطيب النبي ﷺ : قم، فقام، فخطب، فأقحم خطيبَهم، ثم قام شاب منهم، فأنشأ يقول :
نَحنُ الْكرامُ فَلاَ حَيٌّ يُعَادِلُنَا
فينا الرُّؤوس وفينا يُقْسَمُ الرَّبعُ
ونُطعِمُ النَّاسَ عِندَ الْقَحطِ كُلَّهمُ
إنَّا كَذَلِكِ عِنْدَ الْفخرُ نَرْتَفعُ
فقال ﷺ لحسّان : قم فأجبه، فقال :
إنَّ الذوائبَ من فِهْرٍ وإخوتهمْ
قَدْ شَرَّعوا سُنَّةً للناس تُتبعُ
يرضى بها كلُّ مَن كانت سريرتُه
تَقوَى الإله وكلُّ الفخر يُصطنعُ
ثم قال الأقرع شعراً افتخر به، فقال عليه السلام لحسّان : قم فأجبه، فقال حسّان :
بَنِي دَارِمٍ، لاَ تَفْخُروا، إِنَّ فَخْرَكُمْ
يَعُودُ وَبالاً عِنْد ذِكْرِ الْمكَارِمِ
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥٨
هَبلْتُم، عَليْنا تَفْخرُون وأَنْتُم
لَنا خَوَلٌ من بَيْن ظِئْرٍ وخادِمِ
فقال ﷺ :" لقد كنتَ غنياً عن هذا يا أخا بني دارم أن يذكر منك ما قد ظننت أن الناس قد نسوه "، ثم قال الأقرعُ : تكلم خطيبُنا، فكان خطيبهُم أحسن قِيلاً، وتكلم شاعرُنا فكان شاعِرُهم أشعر. هـ.