وسُمِّي الوليد فاسقاً لعدم تَثَبُّته ؛ فخرج بذلك عن كمال الطاعة، وفي تسميته بذلك زجرٌ لغيره، وترغيبٌ له في التوبة، والله تعالى أعلم بغيبه، حتى قال بعضهم : إنها من المتشابه، لِمَا ثبت من تحقُّق إيمان الوليد. وقال أبو عمر في الاستيعاب : لا يصح أن الآية نزلت في قضية الوليد ؛ لأنه كان في زمن النبي ﷺ من ثمانية أعوام، أو من عشرة، فكيف يبعثه رسولاً ؟ ! هـ. قلت : لا غرابةَ فيه، وقد كان ﷺ يُؤَمِّر أسامةَ بن زيد على جيش، فيه أبو بكر وعمر، مع حداثة سِنِّه، كما في البخاري وغيره.
وفي تنكير (فاسق) و (نبأ) شِياعٌ في الفُسَّاق والأنباء، أي : إذا جاءكم فاسقٌ أيّ فاسقٍ كان، بأيِّ خبر ﴿فتبَيَّنوا﴾ أي : فتوقفوا فيه، وتطلَّبوا بيان الأمر وانكشافَ الحقيقة، ولا تعتمدوا قولَ مَن لا يتحرّى الصدق، ولا يتحامى الكذب، الذي هو نوع من الفسوق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٦٠
وفي الآية دليل على قبول خبر الواحد العَدل ؛ لأنا لو توقفنا في خبره ؛ لسوّينا بينه وبين الفاسق، ولخلا التخصيص به عن الفائدة. وقرأ الأخوان :" فثبتوا " والتثبُّت والتبيُّن متقاربان، وهما : طلبُ الثبات والبيان والتعرُّف.
﴿أن تُصيبوا﴾ أي : لئلا تصيبوا ﴿قوماً بجهالةٍ﴾ حال، أي : جاهلين بحقيقة الأمر وكُنه القصة. ﴿فتُصْبِحوا﴾ فتصيروا ﴿على ما فعلتم نادمين﴾ مغتمِّين على ما فعلتم، متمنين أنه لم يقع، والندم : ضرب من الغلم ؛ وهو أن يَغتم على ما وقع، يتمنى أنه لم يقع، وهو غم يصحبُ الإنسان صحبةً لها دوامٌ في الجملة.