جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٦٧
وعن حذيفة رضي الله عنه : شَكَوتُ إلى رسول الله ﷺ ذَرَب لساني، فقال :" أين أنت من الاستغفار ؟ إني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة "، والذَرَب - بفتح الذال والراء :
١٦٨
الفحش، وفي حديث ابن عمر : كنا نَعُدّ لرسول الله ﷺ في المجلس الواحد مائة مرة. " رب اغفر لي، وتب عليّ، إنك أنت التوّاب الرحيم ".
الإشارة : مذهب الصوفية التعظيم والإجلال لكل ما خلق الله، كائناً مَن كان ؛ لنفوذ بصيرتهم إلى شهودِ الصانع والمتجلِّي، دون الوقوف مع حسن الصنعة الظاهرة، وقالوا :" شروط التصوُّف أربعة : كف الأذى، وحمل الجفا، وشهود الصفا، ورميُ الدنيا بالقفا ". فشهود الصفا يجري في الأشياء كلها، فإياك يا أخي أن تَحقِر أحداً من خلق الله ؛ فتُطرد عن بابه، وأنت لا تشعر، ولله در القائل :
للّهِ في الخلقِ أسرار وأنوارُ
ويَصطفي اللّهُ مَن يَرضَى ويَخْتارُ
لاَ تَحْقِرنَّ فقيراً إن مررْت به
فقد يكونُ له حظٌّ ومقْدارُ
والمرءُ بالنَّفْسِ لا بِاللَّبْس تَعْرِفُه
قَد يَخْلقُ الْغِمْدُ والْهنْديُّ بتَّارُ
والتِّبْرُ في التَّربِ قد تَخْفى مَكانتُه
حَتَّى يُخَلِّصُه بالسَّبْكِ مِسْبَارُ
ورُبَّ أشعثَ ذِي طِمرَيْنِ مجتهدٌ
لَه على الله في الإقْسَامِ إبْرارُ
وعن أبي سعيد الخراز، قال : دخلت المسجد الجامع، فرأيت فقيراً عليه خرقتان، فقلت في نفسي : هذا وأشباهه كَلٌّ على الناس، فناداني، وتلا :﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة : ٢٣٥] فاستغفرتُ الله في سري، فناداني وقال :﴿وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [الشورى : ٢٥] ثم غاب عني فلم أره. هـ.


الصفحة التالية
Icon