قال ابن عطية : وما زال أولو العزم يحترسون من سوء الظن، ويجتنبون ذرائعه. قال النووي : واعلم أن سوء الظن حرام مثل القول، فكما يحرم أن تحدّث غيرَك بمساوئ إنسان ؛ يحرم أن تُحدِّث نفسك بذلك، وتسيء الظن به، والمراد : عقدُ القلب وحكمُه على غيره بالسوء، فأما الخواطرُ، وحديثُ النفس، إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه، فمعفوٌّ عنه باتفاق ؛ لأنه لا اختيارَ له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه. هـ. وقال في التمهيد : وقد ثبتَ عن النبي ﷺ أنه قال :" حرّم الله من المؤمن : دمَه ومالَه وعِرضَه، وألا يُظنَّ به إلا الخير " هـ. ونقل أيضاً أن عُمر بن عبد العزيز كان إذا ذُكر عنده رجل بفضل أو صلاح، قال : كيف هو إذا ذُكر عنده إخوانُه ؟ فإن قالوا : ينتقص منهم، وينال منهم، قال عمر : ليس هو كما تقولون، وإن قالوا : إنه يذكُرُ منهم جميلاً، ويُحسن الثناء عيلهم، قال : هو كما تقولون إن شاء الله. هـ. وفي الحديث أيضاً :" خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير، حُسْن الظنِّ بالله، وحُسْن الظن بعباد الله، وخصلتان ليس فوقهما شيء من الشر : سوء الظن بالله، وسوء الظن بعباد الله ". ﴿ولا تجسَّسُوا﴾ لا تبحثوا عن عورات المسلمين ومعايبهم، يقال : تجسّس الأمر : إذا تطلّبه وبحث عنه، تَفعلٌ من : الجسّ. وعن مجاهد : خُذوا ما ظهر ودَعوا ما ستر الله. وقال سهل : لا تبحثوا عن طلب ما ستر الله على عباده، وفي الحديث :" لا تتبعوا عورات المسلمين ؛ فإنَّ مَن تتبَّع عورات المسلمين تتبَّع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته ".
١٧٠


الصفحة التالية
Icon