لأخيه، ولم يعمل في صرف ذلك عن قلبه بالدعاء له خاصة، والتضرُّع إلى الله بأن يُخلِّصَه منه ؛ أخاف أن يبتليه الله في نفسه بتلك المعايب. هـ. قال القشيري : وعزيزٌ رؤيةُ مَن لا يغتاب أحداً بين يديك. هـ. وقد أبيحت الغيبة في أمور معلومة، منها : التحرُّز منه لئلا يقع الاغترار بكلامه أو صحبته، والترك أسلم وأنجى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٦٩
يقول الحق جلّ جلاله :﴿يا أيها الناس إِنَّا خلقناكم من ذَكَرٍ وأُنثى﴾ آدم وحوّاء، أو : كل واحد منكم من أبٍ وأم، فما منكم من أحد إلا وهو يُدلي بما يُدلي به الآخر، سواء بسواء، فلا معنى للتفاخر والتفاضل بالنسب. وفي الحديث :" لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقى " وقال أيضاً :" ثلاثة من أمر الجاهلية : الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والدعاء بدعاء الجاهلية " أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
﴿وجعلناكم شعوباً وقبائلَ﴾ الشعوب : رؤوس القبائل، مثل ربيعة ومضر، والأوس والخزرج، واحدها : شَعب - بفتح الشين - سُمُّوا بذلك لتشعُّبهم كتشعُّب أغصان الشجرة، والقبائل : دون الشعوب، واحدها : قبيلة، كبَكر من ربيعة، وتميم من مضر. ودون القبائل : العمائر، جمع عَمارة بفتح العين، وهم كشيبان من بكر، ودارم من تميم، ودون العمائر : البطون، واحدها : بطن، وهي كبني غالب ولؤي من قريش، ودون البطون : الأفخاذ، واحدها : فَخْذ، كهاشم وأمية من بني لؤي، ثم الفصائل والعشائر، واحدها : فصيلة وعشيرة، فالشعب تجمع القبائل، والقبيلة تجمع العمائر، والعَمارة تجمع البطون، والبطن يجمع الأفخاذ، والفخذ يجمع الفصائل. وقيل : الشعوب من العجم، والقبائل من العرب، والأسباط من بني إسرائيل. ﴿لِتَعارفوا﴾ أي : إنما جعلناكم كذلك ليعرف بعضُكم نسبَ بعض، فلا يتعدّى إلى غير آبائه، لا لتتفاخروا بالأجداد والأنساب.


الصفحة التالية
Icon