وقوله : ما لفخر إلا لأهل العلم... الخ، يعني : لو كان الفخر مباحاً ما أُبيح إلاّ لهم، وإلا فهم أولى بالتواضع، اقتداء برسول الله ﷺ، وقد قال :" مَن تواضع دون قدرِه رفعه الله فوق قدره " فما رفع اللّهُ قدر العلماء إلا بتواضعهم حتى ينالهم الشريفُ والوضيع، الصغيرُ والكبير، والقوي والضعيف، فمَن لم يكن هكذا فليس بعالِم ؛ لنّ الخشية تحمل على التواضع، ومَن لم يخشَ فليس لعالم حقيقة. قال تعالى :﴿إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر : ٢٨].
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٧٤
وقوله تعالى :﴿إِنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ اعلم أنَّ نصيب كل عبد من الله تعالى على قدر تقواه، وتقواه على قدر توجهه إلى الله، وتوجهه على قدر تفرُّغه من الشواغل، وتفرُّغه على قدر زهده، وزهده، على قدر محبته، ومحبته على قدر علمه بالله، وعلمه على قدر يقينه، ويقينه على قدر كشف الحجاب عنه، وكشف الحجاب على قدر جذب العناية، وجذب العناية على قدر السابقة، وهي سر القدر الذي لم يُكشف في هذه الدار. وسقوط العبد من عين الله على قدر قلة تقواه، وقلة تقواه على قدر ضعف توجهه، وضعف توجهه على قدر تشعُّب همومه، وتشعُّب همومه على قدر حرصه ورغبته في الدنيا، ورغبته في الدنيا على قدر ضعف محبته في الله، وضعف محبته على قدر جهله به، وجهله على قدر ضعف يقينه، وضعف اليقين من كثافة الحجاب، وكثافة الحجاب من عدم جذب العناية، وعدم جذب العناية من علامة الخذلان السابق، الذي هو سر القدر. والله تعالى أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٧٤


الصفحة التالية
Icon