قال ابن إسحاق : كان تُبع الآخِر هو أسعدُ بن كرْب، حين أقبل من المشرق، ومرّ على المدينة، ولم يُهِج أهلها، وخلف عندهم ابناً له، فقُتِل غيلة، فجاء مجمعاً على حربهم، وخراب المدينة، فأجمع هذا الحي من الأنصار على قتاله، وسيدهم عمرو بن طلحة، أخو بن النجار، فتزْعُم الأنصارُ : أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار، ويقرُّونه بالليل، فيعجبه ذلك، ويقول : إن قومنا هؤلاء لكرام، فبينما هو كذلك إذا جاءه حَبران من أحبار بني قريظة، من علماء أهل زمانهما، فقالا : أيها الملك لا تقاتلهم، فإنا لا نأمن عليك العقوبة ؛ لأنها مهاجر نبيّ يخرُج من هذا الحي، من قريش، في آخر الزمان، هي داره وقراره، فكُفّ عنهم، ثم دعواه إلى دينهما، فاتبعهما، ثم رجع إلى اليمن، فقالت له حِمير : لا تدخلها وقد فارقت ديننا، فحاكِمْنا إلى النار، وقد كانت باليمن نار أسفل جبل يتحاكمون إليها، فتأكل الظالم لا تضر المظلوم، فخرجوا بأصنامهم، وخرج الحَبران بمصاحفهما، فأكلت النارُ الأوثانَ، وما قَرَّبوا معها، ومَن دخل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما، يتلوان التوراة، ولم تضرهما، فأطبق أهلُ حمير على دين الحبرين، فمن هنالك كان أصل اليهودية باليمن. قال الرياشي : كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة، آمن بالنبي ﷺ قبل أن يُبعث بسبعمائة سنة. وتقدّم شِعره في الدُخَان.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٨٤
كُلٌ كّذَّب الرسلَ﴾
فيما أُرسلوا به من الشرائع، التي من جملتها : البعث الذي أجمعوا عليه قاطبة، أي : كل قوم من الأقوام المذكورين كذّبوا رسولهم ﴿فحقَّ وعيدِ﴾ أي : فوجب وحلّ عليهم وعيدي، وهي كلمة العذاب. وفيه تسلية لرسول الله ﷺ وتهديد لهم.


الصفحة التالية
Icon