فأقبلت امرأتُه} سارة لمَّا سمعت بشارتهم إلى بيتها، وكانت في زاوية منه تنظر إليهم، ﴿في صَرَّةٍ﴾ صيحة، من الصرير، وهو الصوت، ومنه : صرير الباب وصرير الأقلام. قال الزجَّاج : الصرّة : شدّة الصياح. وفي القاموس الصرّة :- بالكسر : أشد الصياح، وبالفتح : الشدة من الكرب والحرن والحر والعطفة والجماعة وتغضيب الوجه. هـ. ومحله النصب على الحال، أي فجاءت صارة، وقيل : صرتها : قولها :﴿يَا وَيْلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ...﴾ [هود : ٧٢] أو : فجاءت مغضّبة الوجه، كما هو شأن مَن يُخبر بشيء غريب، استبعاداً له، ﴿فصَكَّتْ وجهها﴾ لطمته ببسط يدها، وقيل : ضربت بأطراف أصابعها جبهتها، فعل المتعجِّب، ﴿وقالت عجوزٌ عقيم﴾ أي : إنها عجوز عاقر، فكيف ألد ؟ !.
﴿قالوا كذلك﴾ أي : مثل ما قلنا وأخبرناك به ﴿قال ربك﴾ أي : إنما نُخبرك الله تعالى، والله قادر على ما يُستعبد، ﴿إِنه هو الحكيمُ﴾ في فعله، ﴿العليمُ﴾ فلا يخفى عليه شيء، فيكون قوله حقاً، وفعله متقناً لا محالة. رُوي أن جبريل عليه السلام قال لها حين استبعدت : انظري إلى بيتك، فنظرت، فإذا جُذوعُهُ مورقة مثمرة، ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط، بل هي وإبراهيمُ عليه السلام حاضر، حسبنا شُرح في سورة الحجر، وإنما لم يذكرها اكتفاء بما ذكر هناك، كما أنه لم يذكر هناك سارة، اكتفاء بما ذكر هنا وفي سورة هود.


الصفحة التالية
Icon