ولمّا تحقق أنهم ملائكة، ولم ينزلوا إلا لأمر، ﴿قال فما خطبكم﴾ أي : فما شأنكم وما طِلبتكم وفيمَ أُرسلتم ؟ ﴿أيها المرسَلون﴾ هل أُرسلتم بالبشارة خاصة، أو لأمر آخر، أو لهما ؟ ﴿قالوا إِنا أُرسلنا إِلى قوم مجرمين﴾ أي : قوم لوط، ﴿لِنُرسل عليهم حجارةٌ من طين﴾ أي : طين متحجر، هو السجّيل، وهو طينٌ طُبخ، كما يُطبخ الآجر، حتى صار في صلابة الحجارة، ﴿مسوَّمة﴾ مُعلَّمةً، على كلِّ واحد اسم مَن يهلك بها، من السّومة وهي العلامة، أو : مرسلة، من أسمت الماشية : أرسلتها، ومر تفصيله في هود ﴿عند ربك﴾ أي : في مُلكه وسلطانه ﴿للمسرفين﴾ المجاوزين الحدّ في الفجور.
﴿فأخْرجنا مَن كان فيها﴾ الفاء فصيحة، مُفصحة، عن جُمل قد حُذفت، ثقةً بذكرها
٢١٠
في مواضع أُخر، كأنه قيل : فباشروا ما أُمروا به، فذهبوا إلى لوط، وكان مِن قصتهم ما ذكر في موضع آخر، ﴿فأخرجنا مَنْ كان فيها﴾ أي : مِن قرى قوم لوط ﴿من المؤمنين﴾ يعني لوطاً ومَن آمن معه. قيل : كان لوط وأهل بيته الذين نجو ثلاثةَ عشر. ﴿فما وجدنا فيها غيرَ بيتٍ﴾ أي : غير أهل بيت ﴿من المسلمين﴾ وفيه دليل على أن الإسلام والإيمان واحد، أي : باعتبار الشرع، وأما في اللغة فمختلف، والإسلام محله الظاهر، والإيمان محله الباطن. ﴿وتركنا فيها﴾ أي : في قُراهم ﴿آيةَ للذين يخافون العذابَ الأليم﴾ أي : مِن شأنهم أن يخافوا ؛ لسلامة فطرتهم، ورقة قلوبهم، وأما مَن عداهم من ذوي القلوب القاسية، فإنهم لا يعتبرون بها، ولا يعدونها آية.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠٩


الصفحة التالية
Icon