﴿وبشَّروه بغلامٍ عليم﴾ وهو نتيجة المعرفة، من اليقين الكبير، والطمأنينة العظمى، فأقبلت النفس تصيح، وتقول : أألد هذا الغلام، من هذا القلب، وقد كبر على ضعف اليقين، وأنا عجوز، شِخْتُ في العوائد، عقيم من علوم الأسرار ؟ ! فتقول القدرة :﴿كذلك قال ربك﴾ هو عليَّ هيِّن، أتعجيبن من قدرة الله، " مَن استغرب أن يُنقذه الله من شهوته، وأن يُخرجه من وجود غفلته، فقد استعجز القدرة الإلهية، وكان الله على كل شيء مقتدراً " إنه هو الحكيم في ترتيب الفتح على كسب المجاهدة، العليم بوقت الفتح، وبمَن يستحقه. قال إبراهيم القلب أو الروح : فما خطبكم أيها الجليات، أو الواردات الإلهية، ﴿قالوا إنا أُرسلنا إلى قوم مجرمين﴾ وهم جند النفس، ﴿لنُرسل عليهم حجارة من طين﴾ مسومةً عند ربك للمسرفين، وهم الأذكار والأوراد والمجاهدات والرياضات والمعاملات المهلِكة للنفس وأوصافها، ﴿فأخرجنا مَن كان فيها من المؤمنين﴾، سالمين من الهلاك، وهو ما كان لها من الأوصاف الحميدة، والعلوم الرسمية، إذا لا تُخرِج المجاهدة إلا مَن كان مذموماً، فما وجدنا فيها من ذلك إلا النذر القليل ؛ إذ معاملة النفس جُلها مدخولة، وتركنا فيها آيةً من تزكية النفس، وتهذيب أخلاقها، ﴿للذين يخافون العذاب الأليم﴾، فيشتغلون بتزكيتها ؛ لئلا يلحقهم ذلك العذاب.
٢١١
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠٩
قلت :﴿وفي موسى﴾ : عطف على ﴿وفي الأرض﴾، أو على قوله :﴿وتركنا فيها آية﴾ على معنى : وجعلنا في موسى آية، كقوله :
علفتها تبناً وماءً بارداً
و ﴿إذ أرسلناه﴾ : منصوب بآيات، أو : بمحذوف، أي : كائنة وقت إرسالنا، أو بتَركنا.


الصفحة التالية
Icon