يقول الحق جلّ جلاله :﴿وفي موسى﴾ آية ظاهرة حاصلة ﴿إِذ أرسلناه إِلى فرعون بسلطانٍ مبين﴾ بحجة واضحة، وهي ما ظهر على يديه من المعجزات الباهرة، ﴿فَتَولَّى بِرُكْنِه﴾ فأعرض عن الإيمان وازوَرّ عنه ﴿برُكنه﴾ بما يتقوى به من جنوده ومُلكه، والركن : ما يركن إليه الإنسان من عِزٍّ وجند، ﴿وقال﴾ في موسى : هو ﴿ساحرٌ أو مجنون﴾ كأنه نسب ما ظهر على يديه عليه السلام من الخوارق العجيبة إلى الجن وتردد هل ذلك باختياره وسعيه، أو بغيرهما. ﴿فأخذناه وجنودَه فنبذناهم في اليمِّ﴾ وفيه من الدلالة على عِظَمِ شأن القدرة الربانية، ونهاية حماقة فرعون ما لا يخفى، ﴿وهو مُليمٌ﴾ آتٍ بما يُلام عليه من الكفر والطغيان.
﴿وفي عادٍ إِذ أرسلنا عليهم الريحَ العقيمَ﴾ وُصفت بالعقيم لأنها أهلكتهم، وقطعت دابرهم، أو : لأنها لم تتضمن خيراً مَّا، من إنشاء مطرٍ، أو إلقاح شجرٍ، وهي الدَّبور، على المشهور، لقوله عليه السلام :" نُصرتُ بالصَّبَا، وأُهلكت عادٌ بالدَّبور "، ﴿وما تذرُ
٢١٢
من شيءٍ أتتْ عليه﴾
أي : مرت عليه ﴿إلا جعلته كالرميم﴾ وهو كل ما رمّ، أي : بلي وتفتت، من عظم، أو نبات، أو غير، والمعنى : ما تركت شيئاً هبتَ عليه من أنفسهم وأموالهم إلا أهلكته.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢١٢


الصفحة التالية
Icon