وفي ثمودَ} آية أيضاً ﴿إِذ قيل لهم تمتعوا حتى حينٍ﴾ تفسيره قوله تعالى :﴿تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ﴾ [هود : ٦٥] رُوي أن صالحاً قال لهم : تُصبح وجوهكم غداً مصفرة، وبعد غدٍ مُحْمَرة، وفي الثالث مسودة، ثم يُصحبكم العذاب، ﴿فَعَتوا عن أمر ربهم﴾ استكبروا عن الامتثال، ﴿فأخذتهم الصاعقةُ﴾ العذاب، وكل عذاب مُهلك صاعقة. قيل : لما رأوا العلامات من اصفرار الوجوه، واحمرارها، واسودادها، التي بُنيت لهم، عَمدوا إلى قتله عليه السلام فنجّاه الله تعالى إلى أرض فلسطين، وتقدّم في النمل، ولمّا كان ضحوة اليوم الرابع تحنّطوا وتكفّنوا بالأنطاع، فأتتهم الصيحة، فهلكوا، كبيرهم وصغيرهم وهم ينظرون إليها ويُعاينونها جهراً، ﴿فما استطاعوا من قيامٍ﴾ من هرب، أو هو من قولهم : ما يقوم بهذا الأمر : إذا عجز عن دفعه. ﴿وما كانوا منتصِرِين﴾ ممتنعين من العذاب بغيرهم، كما لم يمتنعوا بأنفهسم.
﴿وقومَ نوح﴾ أي : وأهلكنا قوم نوح ؛ لأن ما قبله يدل عليه، أو : واذكر قوم نوح، ومَن قرأ بالجر فعطف على ثمود، أي : وفي قوم نوح آية، ويؤديه قراءة عبد الله " وفي قوم نوح " ﴿مِن قبل﴾ أي : قبل هؤلاء المذكورين، ﴿إِنهم كانوا قوماً فاسقين﴾ خارجين عن الحدود بما كانوا فيه من الكفر والمعاصي وإذاية نوح عليه السلام. ﴿والسماء بَنَيْنَاها﴾ من باب الاشتغال، أي : بنينا السماء، بنيناها ﴿بأيدٍ﴾ بقوة، والأيد : القوة، ﴿وإِنا لمُوسِعون﴾ لقادرين، من الوسع، وهو الطاقة، والمُوسِع : القويُّ على الإنفاق، أو : لموسعون بين السماء والأرض، أو : لموسعون الأرزاق على مَن نشاء، وهو تتميم كما تمّم ما بعده بقوله :﴿فَنِعْمَ الماهدون﴾ لزيادة الامتنان.


الصفحة التالية
Icon